يحتمل أن تكون بمعنى الفاء ويحتمل أن تكون بمعنى إلى أن فيكون التقدير فإذا ﴿لَكَـارِهُونَ * يُجَـادِلُونَكَ﴾ يقول أو يكون التقدير ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا ﴾ أي منعناهم من فهم القرآن وتدبره ؟ إلى أن يقولوا :﴿إِنْ هَـاذَآ إِلا أَسَـاطِيرُ الاوَّلِينَ﴾ في وقت مجيئهم مجادليك لأن الغاية لا تؤخذ إلا من جواب الشرط لا من الشرط، وعلى هذين المعنيين يتخرج جميع ما جاء في القرآن من قوله تعالى ﴿حَتَّى إِذَآ﴾ وتركيب ﴿حَتَّى إِذَآ﴾ لا بد أن يتقدمه كلام ظاهر نحو هذه الآية ونحو قوله : فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال : أقتلت، أو كلام مقدر يدل عليه سياق الكلام، نحو قوله :﴿زُبَرَ الْحَدِيدِا حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ التقدير فأتوه بها ووضعها بين الصدقين ﴿حَتَّى إِذَآ﴾ ساوى بينهما قال : انفخوا فنفخه ﴿حَتَّى إِذَآ﴾ جعله ناراً بأمره وإذنه قال آتوني أفرغ ولهذا قال الفراء ﴿حَتَّى إِذَآ﴾ لا بد أن يتقدمها كلام لفظاً أو تقديراً، وقد ذكرنا في كتاب التكميل أحكام حتى مستوفاة ودخولها على الشرط، ومذهب الفراء والكسائي في ذلك ومذهب غيرهما. وقال الزمخشري : هنا هي ﴿حَتَّى ﴾ التي تقع بعدها الجمل والجملة قوله :﴿إِذَآ﴾ في موضع الحال ؛ انتهى. وهذا موافق لما ذكرناه، ثم قال : ويجوز أن تكون الجارة ويكون ﴿إِذَآ﴾ في محل الجرّ بمعنى حتى وقت مجيئهم و﴿لَكَـارِهُونَ * يُجَـادِلُونَكَ﴾ حال وقوله :﴿يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ تفسير والمعنى أنه بلغ تكذيبهم الآيات، إلى أنهم يجادلونك ويناكرونك وفسر مجادلتهم بأنهم يقولون :﴿إِنْ هَـاذَآ إِلا أَسَـاطِيرُ الاوَّلِينَ﴾ فيجعلون كلام الله وأصدق الحديث خرافات وأكاذيب وهي الغاية في التكذيب ؛ انتهى. وما جوّزه الزمخشري في ﴿إِذَآ﴾ بعد ﴿حَتَّى ﴾ من كونها مجرورة أوجبه ابن مالك في التسهيل، فزعم أن ﴿إِذَآ﴾ تجز بـ. قال في التسهيل : وقد تفارقها، يعني ﴿قَبْلِكُمْ إِذَآ﴾ الظرفية مفعولاً بها ومجرورة بـ أو مبتدأ وما ذهب إليه الزمخشري في تجويزه أن تكون ﴿قَبْلِكُمْ إِذَآ﴾ مجرورة بـ، وابن مالك في إيجاب ذلك ولم يذكر قولاً غيره خطأ وقد بينا ذلك في كتاب التذييل في شرح التسهيل، وقد وفق الحوفي وأبو البقاء وغيرهما من المعربين للصواب في ذلك فقال هنا أبو البقاء ﴿يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَآ﴾ في موضع نصب لجوابها وهو ﴿يَقُولُ﴾ وليس لحتى هاهنا عمل وإنما أفادت معنى الغاية، كما لا تعمل في الجمل و﴿يُجَـادِلُونَكَ﴾ حال من ضمير الفاعل في وهو العامل في الحال، يقول جواب ﴿قَبْلِكُمْ إِذَآ﴾ وهو العامل في إذا ؛ انتهى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٨٤
﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْـاَوْنَ عَنْهُ﴾ روي عن ابن عباس أنها نزلت في أبي طالب، كان ينهي المشركين أن يؤذوا الرسول وأتباعه وكانوا يدعوه إلى الإسلام فاجتمعت قريش بأبي طالب يريدون سوءا برسول الله صلى الله عليه وسلّم.
فقال أبو طالب :
٩٩
والله لن يصلوا إليك بجمعهمحتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضةوابشر وقر بذاك منك عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصحولقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت ديناً لا محالة أنهمن خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبةلوجدتني سمحاً بذاك مبينا


الصفحة التالية
Icon