وهذه الرؤيا التي للفتيين قال مجاهد : رأيا ذلك حقيقة فأراد سؤاله. وقال ابن مسعود والشعبي : استعملاها ليجرباه. والذي رأى عصر لخمر اسمه بنو قال : رأيت حبلة من كرم لها ثلاثة أغصان حسان، فيها عناقيد عنب حسان، فكنت أعصرها وأسقي الملك. والذي رأى الخبز اسمه ملحب قال : كنت أرى أن أخرج من مطبخة الملك وعلى رأسي ثلاث سلال فيها خبز، والطير تأكل من أعلاه، ورأى الحلمية جرت مجرى أفعال القلوب في جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متحدي المعنى، فأراني فيه ضمير الفاعل المستكن، وقد تعدى الفعل إلى الضمير المتصل وهو رافع للضمير المتصل، وكلاهما لمدلول واحد. ولا يجوز أن يقول : اضربني ولا أكرمني. وسمى العنب خمراً باعتبار ما يؤول إليه. وقيل : الخمر بلغة غسان اسم العنب. وقيل : في لغة ازدعمان. وقال المعتمر : لقيت أعرابياً يحمل عنباً في وعاء فقلت : ما تحمل ؟ قال : خمراً، أراد العنب. وقرأ أبي وعبد الله : أعصر عنباً، وينبغي أن يحمل ذلك على التفسير لمخالفته سواد المصحف، وللثابت عنهما بالتواتر قراءتهما أعصر خمراً. قال ابن عطية : ويجوز أن يكون وصف الخمر بأنها معصورة، إذ العصر لها ومن أجلها. وفي مصحف عبد الله : فوق رأسي ثريداً تأكل الطير منه، وهو أيضاً تفسير لا قراءة. والضمير في تأويله عائداً إلى ما قصا عليه، أجرى مجرى اسم الإشارة كأنه قيل : بتأويل ذلك. وقال الجمهور : من المحسنين أي في العلم، لأنهما رأيا سنة ما علما به أنه عالم. وقال الضحاك وقتادة : من المحسنين في حديثه مع أهل السجن وإجماله معهم. وقال ابن إسحاق : أرادا إخباره أنهما يريان له إحساناً عليهما ويداً، إذا تأول لهما ما رأياه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٩٩
﴿قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِا إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِا قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَالِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِى رَبِّى إِنِّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ﴾ :
٣٠٨