وقرأ أبو السمال، وأبو الجوزاء، وأبو عمران الجوني : بلسن بإسكان السين، قالوا : هو كالريش والرياش. وقال صاحب اللوامح : واللسن خاص باللغة، واللسان قد يقع على العضو، وعلى الكلام. وقال ابن عطية مثل ذلك قال : اللسان في هذه الآية يراد به اللغة، ويقال : لسن ولسان في اللغة، فأما العضو فلا يقال فيه لسن. وقرأ أبو رجاء، وأبو المتوكل، والجحدري : لسن بضم اللام والسين، وهو جمع لسان كعماد وعمد. وقرىء أيضاً بضم اللام وسكون السين مخفف كرسل ورسل، والضمير في قومه عائد على رسول أي : قوم ذلك الرسول. وقال الضحاك : والضمير في قومه عائد على محمد صلى الله عليه وسلّم قال : والكتب كلها نزلت بالعربية، ثم أداها كل نبي بلغة قومه. قال الزمخشري : وليس بصحيح، لأنّ قوله : ليبين لهم، ضمير القوم وهم العرب، فيؤدي إلى أنّ الله أنزل التوراة من السماء بالعربية ليبين للعرب، وهذا معنى فاسد انتهى. وقال الكلبي : جميع الكتب أدت إلى جبريل بالعربية، وأمره تعالى أن يأتي رسول كل قوم بلغتهم. وأورد الزمخشري هنا سؤالاً وابن عطية أخرهما في كتابيهما، ويقول : قامت الحجة على البشر بإذعان الفصحاء الذين يظن بهم القدرة على المعارضة وإقرارهم بالعجز، كما قامت بإذعان السحرة لموسى، والأطباء لعيسى عليهما السلام. وبين تعالى العلة في كون من أرسل من الرسل بلغة قومه وهي التبيين لهم، ثم ذكر أنه تعالى يضل من يشاء إضلاله، ويهدي من يشاء هدايته، فليس على ذلك الرسول غير التبليغ والتبيين، ولم يكلف أن يهدي بل ذلك بيد الله على ما سبق به قضاؤه وهو العزيز الذي لا يغالب، الحكيم الواضع الأشياء على ما اقتضته حكمته وإرادته. وقال الزمخشري : والمراد بالإضلال التخلية ومنع الإلطاف، وبالهداية التوفيق واللطف، وكان ذلك كناية عن الكفر والإيمان، وهو العزيز فلا يغلب على مشيئته، الحكيم فلا يخذل إلا أهل الخذلان، ولا يلطف إلا بأهل اللطف انتهى. وهو على طريقة الاعتزال والجمهور على تفسير قوله : بآياتنا، إنها تسع الآيات التي أجراها الله على يد موسى عليه السلام. وقيل : يجوز أن يراد بها آيات التوراة، والتقدير : كما أرسلناك يا محمد بالقرآن بلسان عربي وهو آياتنا، كذلك أرسلنا موسى بالتوارة بلسان قومه، وأن أخرج يحتمل أن أن تكون تفسيرية، وأن تكون مصدرية، ويضعف زعم من زعم أنها زائدة. وفي قوله : قومك خصوص لرسالته إلى قومه، بخلاف لتخرج الناس، والظاهر أنّ قومه هم بنو إسرائيل. وقيل : القبط. فإن كانوا القبط فالظلمات هنا الكفر، والنور الإيمان، وإن كانوا بني إسرائيل وقلنا : إنهم كلهم كانوا مؤمنين، فالظلمات ذل العبودية، والنور العزة بالدين وظهور أمر الله. وإن كانوا أشياعاً متفرقين في الدين، قوم مع القبط في عبادة فرعون، وقوم على غير شيء، فالظلمات الكفر والنور الإيمان. قيل : وكان موسى مبعوثاً إلى القبط
٤٠٥
وبني إسرائيل. وقيل : إلى القبط بالاعتراف بوحدانية الله، وأن لا يشرك به، والإيمان بموسى، وأنه نبي من عند الله، وإلى بني إسرائيل بالتكليف وبفروع شريعته إذ كانوا مؤمنين. ويحتمل وذكرهم أن يكون أمراً مستأنفاً، وأن يكون معطوفاً على أن أخرج، فيكون في خبر وان. وأيام الله قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة : نعم الله عليهم، ورواه أبي مرفوعاً. ومنه قول الشاعر :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٠٢
وأيام لنا غرّ طوالعصينا الملك فيها إن ندينا
وعن ابن عباس أيضاً، ومقاتل، وابن زيد : وقائعه ونقماته في الأمم الماضية، ويقال : فلان عالم بأيام العرب أي وقائعها وحروبها وملاحمها : كيوم ذي قار، ويوم الجار، ويوم فضة وغيرها. وروي نحوه عن مالك قال : بلاؤه. وقال الشاعر :
وأيامنا مشهورة في عدونا