والظاهر أنّ بالقول الثابت متعلق بقوله : يثبت. وقيل : يتعلق بآمنوا. وسؤال العبد في قبره معتقد أهل السنة. ويضل الله الظالمين أي : الكافرين لمقابلتهم بالمؤمنين، وإضلالهم في الدنيا كونهم لا يثبتون في مواقف الفتن، وتزل أقدامهم وهي الحيرة التي تلحقهم، إذ ليسوا متمسكين بحجة. وفي الآخرة هو اضطرابهم في جوابهم. ولما تقدم تشبيه الكلمة الطيبة على تشبيه الكلمة الخبيثة، تقدم في هذا الكلام من نسبت إليه الكلمة الطيبة وتلاه من نسبت إليه الكلامة الخبيثة ولما ذكر تعالى ما فعل بكل واحد من القسمين ذكر أنه لا يمكن اعتراض فيما خص به كل واحد منهما، إذ ذاك راجع إلى مشيئته تعالى، إنّ الله يفعل ما يشاء، لا يسئل عما يفعل. وقال الزمخشري : ويفعل الله ما يشاء أي : توجيه الحكمة، لأنّ مشيئة الله تابعة للحكمة من تثبيت المؤمنين وتأييدهم وعصمتهم عند ثباتهم وعزمهم، ومن إضلال الظالمين وخذلانهم والتخلية بينهم وبين شأنهم عند زللهم انتهى. وفيه دسيسة الاعتزال.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِا قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾ : لم ذكر حال المؤمنين وهداهم، وحال الكافرين وإضلالهم، ذكر السبب في إضلالم. والذين بدلوا ظاهره أنه عام
٤٢٣
في جميع المشركين قاله الحسن، بدلوا بنعمة الإيمان الكفر. وقال مجاهد : هم أهل مكة، أنعم الله تعالى عليهم ببعثه رسولاً منهم يعلمهم أمر دينه وشرفهم به، وأسكنهم حرمه، وجعلهم قوام بيته، فوضعوا مكان شكر هذه النعمة كفراً. وسأل ابن عباس عمر عنهم فقال : هما الأعراب من قريش أخوالي أي : بني مخزوم، واستؤصلوا ببدر. وأعمامك أي : بني أمية، ومتعوا إلى حين. وعن علي نحو من ذلك. وقال قتادة : هم قادة المشركين يوم بدر. وعن علي : هم قريش الذين تحزبوا يوم بدر. وعلى أنهم قريش جماعة من الصحابة والتابعين. وعن علي أيضاً : هم منافقو قريش أنعم عليهم بإظهار علم الإسلام بأن صان دماءهم وأموالهم وذراريهم، ثم عادوا إلى الكفر. وعن ابن عباس : في جبلة بن الإيهم، ولا يريد أنها نزلت فيه، لأن نزول الآية قبل قصته، وقصته كانت في خلافة عمر، وإنما يريد ابن عباس أنها تخص من فعل فعل جبلة إلى يوم القيامة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٣


الصفحة التالية
Icon