وقال أبو عبيدة : للمتبصرين. وقال قتادة : للمعتبرين. وروي نهشل عن ابن عباس للمتوسمين قال : لأهل الصلاح والخير، والضمير في وأنها عائد على المدينة المهلكة أي : أنها لبطريق ظاهر بين للمعتبر قاله : مجاهد، وقتادة، وابن زيد. قيل : ويحتمل أن يعود على الآيات، ويحتمل أن يعود على الحجارة. وقوله : لبسبيل أي ممر ثابت، وهي بحيث يراها الناس ويعتبرون بها لم تندرس. وهو تنبيه لقريش، وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل. وقيل : عائد على الصيحة أي : وإنّ الصيحة لبمرصد لمن يعمل عملهم لقوله : وما هي من الظالمين ببعيد. وقيل : مقيم معلوم. وقيل : معتد دائم. وقال ابن عباس : هلاك دائم السلوك إنّ في ذلك أي : في صنعنا بقوم لوط لعلامة ودليلاً لمن آمن بالله.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٥٥
﴿وَإِن كَانَ أَصْحَـابُ الايْكَةِ لَظَـالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ : هم قوم شعيب، والأيكة التي أضيفوا إليها كانت شجر الدوم. وقيل : المقل. وقيل : السدر. وقيل : الأيكة اسم الناحية، فيكون علماً. ويقويه قراءة من قرأ في الشعراء وص : ليكة ممنوع الصرف. كفروا فسلط الله عليهم الحر، وأهلكوا بعذاب الظلة. ويأتي ذلك مستوفى إن شاء الله تعالى في سورة الشعراء. وإنْ عند البصريين هي لمخففة من الثقيلة، وعند الفراء نافية، واللام بمعنى ألا. وتقدم نظير ذلك في :﴿وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً﴾ في البقرة. والظاهر قول الجمهور من أنّ الضمير في وأنهما عائد على قريتي : قوم لوط، وقوم شعيب. أي : على أنهما ممر السائلة. وقيل : يعود على شعيب ولوط أي : وإنهما لبإمام مبين، أي بطريق من الحق واضح، والإمام الطريق. وقيل : وإنهما أي : الحر بهلاك قوم لوط وأصحاب الأيكة، لفي مكتوب مبين أي : اللوح المحفوظ. قال مؤرج : والإمام الكتاب بلغة حمير. وقيل : يعود على أصحاب الأيكة ومدين، لأنه مرسل إليهما، فدل ذكر أحدهما على الآخر، فعاد الضمير إليهما.
﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَـابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَءَاتَيْنَـاهُمْ ءَايَـاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ءَامِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَآ أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ : أصحاب الحجر ثمود قوم صالح عليه السلام، والحجر أرض بين الحجاز والشام، وتقدّمت قصته في الأعراف مستوفاة. والمرسلين يعني بتكذيبهم صالحاً، لأنّ من كذب واحداً منهم فكأنما كذبهم جميعاً. قال الزمخشري : أو أراد صالحاً ومن معه من المؤمنين كما قيل : الخبيبيون في ابن الزبير وأصحابه. وعن جابر قال : مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم على الحجر فقال لنا :﴿مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَـؤُلاءِ ءَالِهَةً﴾ ثم زجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم راحلته فأسرع حتى خلفها وفي بعض طرقه ثم قال :﴿أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَـاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ﴾ قيل : من هو يا رسول الله ؟ قال :"أبو رغال" وإليه تنسب ثقيف.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٥٥
وآتيناهم آياتنا قيل : أنزل إليهم آيات من كتاب الله، وقيل : يراد نصب الأدلة فأعرضوا عنها. وقيل : كان في الناقة آيات خمس. خروجها من الصخرة، ودنو نتاجها عند خروجها، وعظمها حتى لم تشبهها ناقة، وكثرة لبنها حتى يكفيهم جميعاً. وقيل : كانت له آيات غير الناقة. وقرأ الجمهور : ينحتون بكسر الخاء. وقرأ الحسن، وأبو
٤٦٣