متفرقين لينفروا الناس عن الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول بعضهم : لا تغتروا بالخارج منا فإنه ساحر، ويقول الآخر : كذاب، والآخر : شاعر، فأهلكهم الله تعالى يوم بدر، وقبله بآفات : كالوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل، والأسود بن المطلب، وغيرهم. أو مثل ما أنزلنا على الرهط الذين تقاسموا على أن يبيتوا صالحاً عليه السلام والاقتسام بمعنى التقاسم (فإن قلت) : إذا علقت قوله كما أنزلنا بقوله ولقد آتيناك فما معنى توسط لا تمدن إلى آخره بينهما (قلت) : لما كان ذلك تسلية للرسول صلى الله عليه وسلّم عن تكذيبهم وعداوتهم اعترض بما هو مدد لمعنى التسلية من النهي عن الالتفات إلى دنياهم والتأسف على كفرهم ومن الأمر بأن يقبل بمجامعه على المؤمنين انتهى أما الوجه الأول وهو تعلق كما بآتيناك فذكره أبو البقاء على تقدير وهو وأن يكون في موضع نصب نعتاً لمصدر محذوف تقديره آتيناك سبعاً من المثاني إيتاء كما أنزلنا أو إنزالاً كما أنزلنا لأن آتيناك بمعنى أنزلنا عليك وأما قوله أن المقتسمين هم أهل الكتاب فهو قول الحسن ومجاهد ورواه العوفي عن ابن عباس وأما قوله اقتسموا القرآن فهو قول ابن عباس فيما رواه عنه سعيد بن جبير وأما قوله اقتسموا فقال بعضهم سورة البقرة وبعضهم سورة آل عمران الخ فقاله عكرمة وقال السدي هم الأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوثب والوليد والعاصي والحرث بن قيس ذكروا القرآن فمن قائل البعوض لي ومن قائل النمل لي وقائل الذباب لي وقائل العنكبوت لي استهزاء فأهلك الله جميعهم. وأما قوله أن القرآن عبارة عما يقرؤونه من كتبهم إلى آخره فقاله مجاهد. وأما قوله ويجوز أن يكون الذين جعلوا القرآن عضين منصوباً بالنذير أي أنذر المعضين فلا يجوز أن يكون منصوباً بالنذير كما ذكر لأنه موصوف بالمبين ولا يجوز أن يعمل إذا وصف قبل ذكر المعمول على مذهب البصريين لا يجوز هذا عليم شجاع علم النحو فتفصل بين عليم وعلم بقوله شجاع وأجاز ذلك الكوفيون وهي مسألة خلافية تذكر دلائلها في علم النحو. وأما قوله الذين يجزؤون القرآن إلى سحر وشعر وأساطير فمروي عن قتادة إلا أنه قال بدل شعر كهانة. وأما قوله الذين اقتسموا مداخل مكة فهو قول السائب وفيه أن الوليد بن المغيرة قال ليقل بعضكم كاهن وبعضكم ساحر وبعضكم شاعر وبعضكم غاووهم حنظلة بن أبي سفيان وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن المغيرة وأبو جهل والعاصي بن هشام وأبو قيس بن الوليد وقيس بن الفاكه وزهير بن أمية وهلال بن عبد الأسود والسائب بن صيفي والنضر بن احرث وأبو البختري بن هشام وزمعة بن الحجاج وأمية بن خلف وأوس بن المغيرة تقاسموا على تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأهلكوا جميعاً. وأما قوله أنهم الذين تقاسموا أن يبيتوا صالحاً فقول عبد الله بن يزد. وقال ابن عطية
٤٦٨
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٥٥