والموئل قال مجاهد : المحرز. وقال الضحاك : المخلص والضمير في ﴿مِن دُونِهِ﴾ عائد على الموعد. وقرأ الزهري موّلاً بتشديد الواو من غير همز ولا ياء. وقرأ أبو جعفر عن الحلواني عنه مولاً بكسر الواو خفيفة من غير همز ولا ياء. وقرأ الجمهور بسكون الواو وهمزة بعدها مكسورة، وأشارة تعالى بقوله ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى ﴾ إلى القرى المجاورة أهل مكة والعرب كقرى ثمود وقوم لوط وغيرهم، ليعتبروا بما جرى عليهم وليحذروا ما يحل بهم كما حل بتلك القرى. ﴿وَتِلْكَ﴾ مبتدأ و﴿الْقُرَى ﴾ صفة أو عطف بيان والخبير ﴿أَهْلَكْنَـاهُمْ﴾ ويجوز أن تكون ﴿الْقُرَى ﴾ الخبر و﴿أَهْلَكْنَـاهُمْ﴾ جملة حالية كقوله ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةَ﴾ ويجوز أن تكون ﴿تِلْكَ﴾ منصوباً بإضمار فعل يفسره ما بعده أي وأهلكنا ﴿وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـاهَا﴾ و﴿تِلْكَ الْقُرَى ﴾ على إضمار مضاف أي وأصحاب تلك القرى، ولذلك عاد الضمير على ذلك المضمر في قوله ﴿أَهْلَكْنَـاهُمْ﴾.
وقوله ﴿لَمَّا ظَلَمُوا ﴾ إشعار بعلة الإهلاك وهي الظلم، وبهذا استدل الأستاذ أبو الحسن بن عصفور على حرفية ﴿لَمَّا﴾ وأنها ليست بمعنى حين لأن الظرف لا دلالة فيه على العلية. وفي قوله ﴿لَمَّا ظَلَمُوا ﴾ تحذير من الظلم إذ نتيجته الإهلاك وضربنا لإهلاكهم وقتاً معلوماً، وهو الموعد واحتمل أن تكون مصدراً أو زماناً. وقرأ الجمهور بضم الميم وفتح اللام، واحتمل أن يكون مصدراً مضافاً إلى المفعول وأن يكون زماناً. وقرأ حفص وهارون عن أبي بكر بفتحتين وهو زمان الهلاك. وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام مصدر هلك يهلك وهو مضاف للفاعل. وقيل : هلك يكون لازماً ومتعدياً فعلى تعديته يكون مضافاً للمفعول، وأنشد أبو عليّ في ذلك :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٣١
ومهمه هالك من تعرجاً
ولا يتعين ما قاله أبو عليّ في هذا البيت، بل قد ذهب بعض النحويين إلى أن هالكاً فيه لازم وأنه من باب الصفة المشبهة أصله هالك من تعرجاً. فمن فاعل ثم أضمر في هالك ضمير مهمه، وانتصب ﴿مَنْ﴾ على التشبيه بالمفعول ثم أضاف من نصب، وقد اختلف في الموصول هل يكون من باب الصفة المشبهة ؟ والصحيح جواز ذلك وقد ثبت في أشعار العرب. قال الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة :
أسيلات أبدان دقاق خصورهاوثيرات ما التفت عليها الملاحف
وقال آخر :
فعجتها قبل الأخيار منزلةوالطيبي كل ما التاثت به الأزر
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٣١
١٤٠
برح : زال مضارع يزول، ومضارع يزال فتكون من أخوات كان الناقصة. الحقب : السنون واحدها حقبة. قال الشاعر :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤٠
فإن تنأ عنها حقبة لاتلاقهافإنك مما أحدثت بالمحرب
وقال الفراء : الحقب سنة، ويأتي قول أهل التفسير فيه. السرب : المسلك في جوف الأرض. النصب : التعب والمشقة. الصخرة معروفة وهي حجر كبير. السفينة معروفة وتجمع على سفن وعلى سفائن، وتحذف التاء فيقال سفينة وسفين وهو مما بينه وبين مفردة تاء التأنيث وهو كثير في المخلوق نادر في المصنوع، نحو عمامة وعمام. وقال الشاعر :
متى تأته تأت لج بحرتقاذف في غوار به السفين
الأمر البشع من الأمور كالداهية والأد ونحوه. الجدار معروف ويجمع على جدر وجدران. انقض سقط، ومن أبيات معاياة الأعراب.
مرّ كما انقضّ على كوكبعفريت جن في الدجى الأجدل
عاب الرجل ذكر وصفاً فيه يذم به، وعاب السفينة أحدث فيها ما تنقص به.
١٤١
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَـاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَه فِى الْبَحْرِ سَرَبًا﴾


الصفحة التالية
Icon