جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٥٦
وفي الحديث :"يؤتي بالأكول الشروب الطويل فلا يزن جناح بعوضة" ثم قرأ ﴿فَلا نُقِيمُ﴾ الآية. وفي الحديث أيضاً :"يأتي ناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئاً".
﴿ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ﴾ مبتدأ وخبر و﴿جَهَنَّمُ﴾ بدل و﴿ذَالِكَ﴾ إشارة إلى ترك إقامة الوزن، ويجوز أن يشار بذلك وإن كان مفرداً إلى الجمع فيكون بمعنى أولئك ويكون ﴿جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ﴾ مبتدأ وخبراً. وقال أبو البقاء :﴿ذَالِكَ﴾ أي الأمر ذلك وما بعده مبتدأ وخبر، ويجوز أن يكون ﴿ذَالِكَ﴾ مبتدأ و﴿جَزَآؤُهُمْ﴾ مبتدأ ثان و﴿جَهَنَّمُ﴾ خبره. والجملة خبر الأول والعائد محذوف أي جزاؤه انتهى. ويحتاج هذا التوجيه إلى نظر قال : ويجوز أن يكون ﴿ذَالِكَ﴾ مبتدأ و﴿جَزَآؤُهُمْ﴾ بدل أو عطف بيان و﴿جَهَنَّمُ﴾ الخبر. ويجوز أن يكون ﴿جَهَنَّمُ﴾ بدلاً من جزاء أو خبر لابتداء محذوف، أي هو جهنم و﴿بِمَا كَفَرُوا ﴾ خبر ذلك، ولا يجوز أن تتعلق الباء بجزاؤهم للفصل بينهما و﴿اتَّخَذُوا ﴾ يجوز أن يكون معطوفاً على ﴿كَفَرُوا ﴾ وأن يكون مستأنفاً انتهى. والآيات هي المعجزات الظاهرة على أيدي الأنبياء والصحف الإلهية المنزلة عليهم.
﴿إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّـاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا * خَـالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا * قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَـاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِا مَدَدًا * قُلْ إِنَّمَآ أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَـاهُكُمْ إِلَـاهٌ وَاحِدٌا فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَآءَ رَبِّهِا فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَـالِحًا﴾.
١٦٧
لما ذكر تعالى ما أعد للكافرين ذكر ما أعد للمؤمنين وفي الصحيح ﴿جَنَّـاتُ الْفِرْدَوْسِ﴾ أربع ثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما. وفي حديث عبادة ﴿الْفِرْدَوْسِ﴾ أعلاها يعني أعلا الجنة. قال قتادة وربوتها ومنها تفجر أنهار الجنة. وقال أبو هريرة جبل تتفجر منه أنهار الجنة. وفي حديث أبي أمامة ﴿الْفِرْدَوْسِ﴾ سرة الجنة. وقال مجاهد ﴿الْفِرْدَوْسِ﴾ البستان بالرومية. وقال كعب والضحاك ﴿جَنَّـاتُ الْفِرْدَوْسِ﴾ الأعناب. وقال عبيد الله بن الحارث بن كعب إنه جنات الكروم والأعناب خاصة من الثمار. وقال المبرد :﴿الْفِرْدَوْسِ﴾ فيما سمعت من كلام العرب الشجر الملتف والأغلب عليه العنب. وحكى الزجاج أنه الأودية التي تنبت ضروباً من النبات، وهل هو عربي أو أعجمي ؟ قولان وإذا قلنا أعجمي فهل هو فارسي أو رومي أو سرياني ؟ أقوال. وقال حسان :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٥٦
وإن ثواب الله كل موحدجنان من الفردوس فيها يخلد
قيل : ولم يسمع بالفردوس في كلام العرب إلاّ في هذا البيت بيت حسان، وهذا لا يصح فقد قال أمية بن أبي الصلت :
كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرةفيها الفراديس ثم الثوم والبصل
الفراديس جمع فردوس. والظاهر أن معنى ﴿جَنَّـاتُ الْفِرْدَوْسِ﴾ بساتين حول الفردوس ولذلك أضاف الجنات إليه. ويقال : كرم مفردس أي معرش، وكذلك سميت الروضة التي دون اليمامة فردوساً لأجتماع نخلها وتعريشها على أرضها. وفي دمشق باب الفراديس يخرج منه إلى البساتين. و﴿نُزُلا﴾ يحتمل من التأويل ما احتمل قوله ﴿نُزُلا﴾ المتقدم. ومعنى ﴿حِوَلا﴾ أي محولاً إلى غيرها. قال ابن عيسى : هو مصدر كالعوج والصغر. قال الزمخشري : يقال حال عن مكانه حولاً كقوله.
عادني حبها عوداً
يعني لا مزيد عليها حتى تنازعهم أنفسهم إلى أجمع لأغراضهم وأمانيهم، وهذه غاية الوصف لأن الإنسان في الدنيا في أي نعيم كان فهو طامح الطرف إلى أرفع منه، ويجوز أن يراد نفي التحول وتأكيد الخلود انتهى. وقال ابن عطية : والحول بمعنى التحول. قال مجاهد متحولاً. وقال الشاعر :
لكل دولة أجلثم يتاح لها حول
وكأنه اسم جمع وكان واحده حوالة وفي هذا نظر. وقال الزجاج عن قوم : هي بمعنى الحيلة في التنقل وهذا ضعيف متكلف.


الصفحة التالية
Icon