وقال الزمخشري :﴿فَكَذَالِكَ أَلْقَى السَّامِرِىُّ﴾ أراهم أنه يلقي حلياً في يده مثل ما ألقوا وإنما ألقى التربة التي أخدها من موطىء حيزوم فرس جبريل عليه السلام، أوحى إليه وليه الشيطان أنها إذا خالطت مواتاً صار حيواناً فأخرج لهم السامري من الحفرة عجلاً خلقه الله من الحلي التي سبكتها النار تخور كخور العجاجيل. والمراد بقوله ﴿قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنا بَعْدِكَ﴾ هو خلق العجل للامتحان أي امتحناهم بخلق العجل وحملهم السامري على الضلال وأوقعهم فيه حين قال لهم ﴿هَـاذَآ إِلَـاهُكُمْ وَإِلَـاهُ مُوسَى ﴾ انتهى.
وقيل : معنى ﴿جَسَدًا﴾ شخصاً. وقيل : لا يتغذى، وتقدم الكلام على قوله ﴿لَّهُ خُوَارٌ﴾ في الأعراف. والضمير في ﴿فَقَالُوا ﴾ لبني إسرائيل أي ضلوا حين قال كبارهم لصغارهم و﴿هَـاذَا﴾ إشارة إلى العجل. وقيل : الضمير في ﴿فَقَالُوا ﴾ عائد على السامري أخبر عنه بلفظ الجمع تعظيماً لجرمه. وقيل : عليه وعلى تابعيه. وقرأ الأعمش فنَسِيْ بسكون الياء، والظاهر أن الضمير في ﴿فَنَسِىَ﴾ عائد على السامري أي ﴿فَنَسِىَ﴾ إسلامه وإيمانه قاله ابن عباس، أو فترك ما كان عليه من الدين قاله مكحول، وهو كقول ابن عباس أو ﴿فَنَسِىَ﴾ أن العجل ﴿أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا﴾ و﴿فَنَسِىَ﴾ الاستدلال على حدوث الأجسام وأن الإله لا يحل في شيء ولا يحل فيه شيء وعلى هذه الأقوال يكون ﴿فَنَسِىَ﴾ إخباراً من الله عن السامري. وقيل : الضمير عائد على موسى عليه السلام أي ﴿فَنَسِىَ﴾ موسى أن يذكر لكم أن هذا إلهكم أو ﴿فَنَسِىَ﴾ الطريق إلى ربه، وكلا هذين القولين عن ابن عباس. أو ﴿فَنَسِىَ﴾ موسى إلهه عندكم وخالفه في طريق آخر قاله قتادة، وعلى هذه الأقوال يكون من كلام السامري.
ثم بيَّن تعالى فساد اعتقادهم بأن الألوهية لا تصلح لمن سلبت عنه هذه الصفات فقال :﴿أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا﴾ وهذا كقول إبراهيم ليه ﴿لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ﴾ والرؤية هنا بمعنى العلم، ولذلك جاء بعدها أن المخففة من الثقيلة كما جاء ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّه لا يُكَلِّمُهُمْ﴾ بأن الثقيلة وبرفع يرجع قرأ الجمهور. وقرأ أبو حيوة ﴿أَلا يَرْجِعُ﴾ بنصب العين قاله ابن خالويه وفي الكامل ووافقه على ذلك وعلى نصب ﴿وَلا يَمْلِكُ﴾ الزعفراني وابن صبيح وأبان والشافعي محمد بن إدريس الإمام المطلبي جعلوها أن الناصبة للمضارع وتكون الرؤية من الإبصار.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٥٦
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٠
اللحية معروفة وتجمع على لِحَى بكسر اللام وضمها. نسف ينسف بكسر سين المضارع وضمها نسفاً فرّق وذرى. وقال ابن الأعرابيي : قلع من الأصل. الزرقة : لون معروف، يقال : زرقت عينه وازرَّقت وازراقت، القاع قال ابن الأعرابي : الأرض الملساء لا نبات فيها ولا بناء. وقال الجوهري : المستوي من الأرض. ومنه قول ضرار بن الخطاب :
ليكونن بالبطاح قريشفقعة القاع في أكف الإماء
٢٧٠
والجمع أقوع وأقواع وقيعان. وحكى مكي أن القاع في اللغة المكان المنكشف. وقال بعض أهل اللغة : القاع مستنقع الماء. الصفصف : المستوى الأملس. وقيل : الذي لا نبات فيه، وهو مضاعف كالسبسب. الأمت : التل. والعوج : التعوج في الفجاج قاله ابن الأعرابي. الهمس : الصوت الخفي قاله أبو عبيدة. وقيل : وطء الأقدام. قال الشاعر :
وهن يمشين بنا هميساً
ويقال للأسد الهموس لخفاء وطئه، ويقال همس الطعام مضغه. عنا يعنو : ذل وخضع، وأعناه غيره أذلة. وقال أمية بن أبي الصلت :
مليك على عرش السماء مهيمنلعزته تعنو الوجوه وتسجد
الهضم : النقص تقول العرب : هضمت لك حقي أي حططت منه، ومنه هضيم الكشحين أي ضامرهما وفي الصحاح : رجل هضيم ومتهضم مظلوم وتهضمه واهتضمه ظلمه. وقال المتوكل الليثي :
إن الأذلة واللئام لمعشرمولاهم المنهضم المظلوم
عرى يُعَرَّى لم يكن على جلده شيء يقيه. قال الشاعر :
وإن يعرين إن كسى الجواريفتنبو العين عن كرم عجاف
ضحى يضحي : برز للشمس. قال عمرو بن أبي ربيعة :
رأت رجلاً أيما إذا الشمس عارضتفيضحي وأما بالعشي فيحضر
الضنك : الضيق والشدّة : ضنك عيشة يضنك ضناكة وضنكاً، وامرأة ضناك كثيرة اللحم صار جلدها به. زهرة : بفتح الهاء وسكونها نحو نهر ونهر ما يروق من النور، وسراج زاهر له بريق، والأنجم الزهر المضيئة، وأزهر الشجر بدا زهره وهو النور.


الصفحة التالية
Icon