﴿حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَـاعِلِينَ * قُلْنَا يَـانَارُ كُونِى بَرْدًا وَسَلَـامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِا كَيْدًا فَجَعَلْنَـاهُمُ الاخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَـاهُ وَلُوطًا إِلَى الارْضِ الَّتِى بَـارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـالَمِينَ * وَ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةًا وَكُلا جَعَلْنَا صَـالِحِينَ * وَجَعَلْنَـاهُمْ أَاِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَواةِ وَإِيتَآءَ الزَّكَواةِا وَكَانُوا لَنَا عَـابِدِينَ * وَلُوطًا ءَاتَيْنَـاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَـاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِى كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَـا ئِثَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَـاسِقِينَ * وَأَدْخَلْنَـاهُ فِى رَحْمَتِنَآا إِنَّه مِنَ الصَّـالِحِينَ * وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَه فَنَجَّيْنَـاهُ وَأَهْلَه مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَـاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَآا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَـاهُمْ أَجْمَعِينَ * وَدَاوُادَ وَسُلَيْمَـانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِى الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَـاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَـاهَا سُلَيْمَـانَا وَكُلا ءَاتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُادَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَا وَكُنَّا فَـاعِلِينَ * وَعَلَّمْنَـاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّنا بَأْسِكُم فَهَلْ أَنتُمْ شَـاكِرُونَ * وَلِسُلَيْمَـانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِى بِأَمْرِهِا إِلَى الارْضِ الَّتِى بَـارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَىْءٍ عَـالِمِينَ * وَمِنَ الشَّيَـاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَه وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَالِكَا وَكُنَّا لَهُمْ حَـافِظِينَ﴾.
٣٢٧
ولما نبههم على قبيح مرتكبهم وغلبهم بإقامة الحجة عليهم لاذوا بالإيذاء له والغضب لآلهتهم واختاروا أشد العذاب وهو الإحراق بالنار التي هي سبب للإعدام المحض والإتلاف بالكلية وكذا كل من أقيمت عليه الحجة وكانت له قدرة يعدل إلى المناصبة والإذابة كما كانت قريش تفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين دمغهم بالحجة وعجزوا عن معارضة ما آتاهم به عدلوا إلى الانتقام وإيثار الاغتيال، فعصمه الله والظاهر أن قول ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ﴾ أي قال بعضهم لبعض. وقيل : أشار بإحراقه نمروذ. وعن ابن عمر رضي الله عنهما : رجل من أعراب العجم. قال الزمخشري : يريد الأكراد. وقال ابن عطية : روي أنه رجل من الأكراد من أعراب فارس أي باديتها فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، وذكروا لهذا القائل اسماً مختلفاً فيه لا يوقف منه على حقيقة لكونه ليس مضبوطاً بالشكل والنقط، وهكذا تقع أسماء كثيرة أعجمية في التفاسير لا يمكن الوقوف منها على حقيقة لفظ لعدم الشكل والنقط فينبغي اطراح نقسها.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣١٧
وروي أنهم حين هموا بإحراقه حبسوه ثم بنوا بيتاً كالحظيرة بكوثي واختلفوا في عدة حبسه وفي عرض الحظيرة وطولها، ومدة جمع الحطب، ومدة الإيقاد، ومدة سنه إذ ذاك، ومدة إقامته في النار وكيفية ما صارت أماكن النار اختلافاً متعارضاً تركنا ذكره واتخذوا منجنيقاً. قيل : بتعليم إبليس إذ كان لم يصنع قبل فشد إبراهيم رباطاً ووضع في كفة المنجنيق ورمى به فوقع في النار. وروي أن جبريل عليه السلام جاءه وهو في الهواء فقال : ألك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا، وذكر المفسرون أشياء صدرت من الورغ والبغل والخطاف والضفدع والعضرفوط الله أعلم بذلك. وعن ابن عباس : إنما نجا بقوله حسبي الله ونعم الوكيل. قيل : وأطل نمروذ من الصرح فإذا إبراهيم في روضة ومعه جليس له من الملائكة فقال إني مقرب إلى آلهك فذبح أربعة آلاف بقرة. وكف عن ابراهيم، وكان إبراهيم إذ ذاك ابن ست عشرة سنة، وقد أكثر الناس في حكاية ما جرى لإبراهيم والذي صح هو ما ذكره تعالى من أنه ألقي في النار فجعلها الله عليه ﴿بَرْدًا وَسَلَـامًا﴾ وخرج منها سالماً فكانت أعظم آية والظاهر أن القائل ﴿قُلْنَا يَـانَارُ كُونِى﴾ هو الله تعالى. وقيل : جبريل عليه السلام بأمر الله تعالى. وعن ابن عباس : لو لم يقل :﴿وَسَلَـامًا﴾ لهلك إبراهيم من البرد، ولو لم يقل على إبراهيم لما أحرقت نار بعدها ولا اتقدت انتهى. ومعنى ﴿وَسَلَـامًا﴾ سلامة، وأبعد من ذهب إلى أنها هنا تحية من الله ولو كانت تحية لكان الرفع أولى بها من النصب. والمعنى ذات برد وسلام فبولغ في ذلك كان ذاتها برد وسلام، ولما كانت النار تنفعل لما أراده الله منها كما ينفعل من يعقل عبر عن ذلك بالقول لها والنداء والأمر.