وقال أبو الفضل الرازي في كتاب اللوامح أبو رجاء بخلاف عنه، وابن عبيد والمعتري على مفتعل. وعن ابن عباس برواية المقري ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾ أراد المعتري لكنه حذف الياء تخفيفاً واستغناءً بالكسرة عنها، وجاء كذلك عن أبي رجاء. قال ابن مسعود : الهدي أتلات. وقال جعفر بن محمد أطعم القانع والمعتر ثلثاً، والبائس الفقير ثلثاً، وأهلي ثلثاً. وقال ابن المسيب : ليس لصاحب الهدي منه إلاّ الربع وهذا كله على جهة الاستحباب لا الفرض قاله ابن عطية ﴿كَذَالِكَ﴾ سخرها لكم أي مثل ذلك التسخير ﴿سَخَّرْنَـاهَا لَكُمْ﴾ تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحبسونها صافة قوائمها فتطعنون في لباتها، منّن عليهم تعالى بذلك ولولا تسخير الله لم تطق ولم تكن بأعجز من بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرماً وأقل قوّة، وكفى بما يتأبد من الإبل شاهداً وعبرة. وقال ابن عطية : كما أمرناكم فيها بهذا كله سخرنا لكم لن ينال الله لحومها ولا دماؤها.
قال مجاهد : أراد المسلمون أن يفعلوا فعل المشركين من الذبح وتشريح اللحم منصوباً حول الكعبة ونضح الكعبة حواليها بالدم تقرّباً إلى الله، فنزلت هذه الآية. وعن ابن عباس قريب منه، والمعنى لن يصيب رضا الله اللحوم المتصدق بها ولا الدماء المهراقة بالنحر، والمراد أصحاب اللحوم والدماء، والمعنى لن يرضى المضحون والمقربون ربهم إلاّ بمراعاة النية والإخلاص والاحتياط بشروط التقوى في حل ما قرب به وغير ذلك من المحافظات الشرعية وأوامر الورع، فإذا لم يراعوا ذلك لم تغن عنهم التضحية والتقريب، وإن كثر ذلك منهم قاله الزمخشري وهو تكثير في اللفظ. وقرأ مالك بن دينار والأعرج وابن يعمر والزهري وإسحاق الكوفي عن عاصم والزعفراني ويعقوب. وقال ابن خالويه : تناله التقوى بالتاء يحيى بن يعمر والجحدري. وقرأ زيد بن علي ﴿لُحُومُهَا وَلا﴾ بالنصب ﴿دِمَآؤُهَا وَلَـكِن يَنَالُهُ﴾ بضم الياء وكرر ذكر النعمة بالتسخير. قال الزمخشري : لتشكروا الله على هدايته إياكم لإعلام دينه ومناسك حجه بأن تكبروا وتهللوا فاختصر الكلام بأن ضمن التكبير معنى الشكر وعديّ تعديته انتهى. ﴿وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ ظاهر في العموم. قال ابن عباس : وهم الموحدون وروي أنها نزلت في الخلفاء الأربعة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٥
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧٠
٣٧٠
الهدم : معروف وهو نقض ما بُني. قال الشاعر :
وكل بيت وإن طالت إقامتهعلى دعائمه لا بدّ مهدوم
الصومعة : موضع العبادة وزنها فعولة، وهي بناء مرتفع منفرد حديد الأعلى، والأصمع من الرجال الحديد القول، وكانت قبل الإسلام مختصة برهبان النصارى وبعباد الصابئين، قاله قتادة ثم استعمل في مئذنة المسلمين. البيع : كنائس النصارى واحدها بيعة. وقيل : كنائس اليهود. البئر : من بأرت أي حفرت، وهي مؤنثة على وزن فعل بمعنى مفعول، وقد تذكر على معنى القليب. تعطيل الشيء : إبطال منافعه. العقم : الامتناع من الولادة، يقال : امرأة عقيم ورجل عقيم لا يولد له، والجمع عقم وأصله من القطع، ومنه الملك عقيم أي يقطع فيه الأرحام بالقتل، والعقيم الذي قطعت ولادتها.
٣٧١
وقال أبو عبيد العقم السد، يقال : امرأة معقومة الرحم أي مسدودة الرحم. السطو : القهر. وقال ابن عيسى : السطوة إظهار ما يهول للإخافة. الذباب : الحيوان المعروف يجمع على ذباب بكسر الذال وضمها، وعلى ذبّ والمذبة ما يطرد به الذباب، وذباب السيف طرفه والعين إنسانها، وأسنان الإبل. سلبت الشيء : اختطفته بسرعة. استنقذ : استفعل بمعنى أفعل أي أنقذ نحو أبل واستبل.
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَـارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّه وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ﴾.
٣٧٢
روي أن المؤمنين لما كثروا بمكة أذاهم الكفار وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة، أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل من أمكنة من الكفار ويحتال ويغدر، فنزلت إلى قوله ﴿كَفُورٌ﴾ وعد فيها بالمدافعة ونهى عن الخيانة، وخص المؤمنين بالدفع عنهم والنصرة لهم، وعلل ذلك بأنه لا يحب أعداءهم الخائنين الله والرسول الكافرين نعمه. ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر جملة مما يفعل في الحج، وكان المشركون قد صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عام الحديبية وآذوا من كان بمكة من المؤمنين، أنزل الله تعالى هذه الآيات مبشرة المؤمنين بدفعه تعالى عنهم ومشيرة إلى نصرهم وإذنه لهم في القتال وتمكينهم في الأرض يردهم إلى ديارهم وفتح مكة، وأن عاقبة الأمور راجعة إلى الله تعالى وقال تعالى :﴿وَالْعَـاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon