وقال المسور بن مخرمة : هما والسوار. وقال الحسن أيضاً : الخاتم والسوار. وقال ابن بحر : الزينة تقع على محاسن الخلق التي فعلها الله وعلى ما يتزين به من فضل لباس، فنها هنّ الله عن إبداءً ذلك لمن ليس بمحرم واستثنى ما لا يمكن اخفاؤه في بعض الأوقات كالوجه والأطراف على غير التلذذ. وأنكر بعضهم إطلاق الزينة على الخلقة والأقرب دخوله في الزينة وأي زينة أحسن من خلق العضو في غاية الاعتدال والحسن.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٤٤
وفي قوله ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ دليل على أن الزينة ما يعم الخلقة وغيرها، منعهنّ من إظهار محاسن خلقهنّ فأوجب سترها بالخمار. وقد يقال لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورها عادة وعبادة في الصلاة والحج حسن أن يكون الاستثناء راجعاً إليهما، وفي السنن لأبي داود أنه عليه السلام قال :"يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلاّ هذا : وأشار إلى وجهه وكفيه. وقال ابن خويز منداد : إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك، وكان النساء يغطين رؤوسهنّ بالأخمرة ويسدلنها من وراء الظهر فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر عليهنّ وضمن ﴿وَلْيَضْرِبْنَ﴾ معنى وليلقين وليضعن، فلذلك عداه بعلى كما تقول ضربت بيدي على الحائط إذا وضعتها عليه. وقرأ عياش عن أبي عمرو ﴿وَلْيَضْرِبْنَ﴾ بكسر اللام وطلحة ﴿بِخُمُرِهِنَّ﴾ بسكون الميم وأبو عمرو ونافع وعاصم وهشام ﴿جُيُوبِهِنَّ﴾ بضم الجيم وباقي السبعة بكسر الجيم.
وبدأ تعالى بالأزواج لأن اطلاعهم يقع على أعظم من الزينة، ثم ثنى بالمحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ولكن تختلف مراتبهم في الحرمة بحسب ما في نفوس البشر، فالأب والأخ ليس كابن الزوج فقد يُبدي للأب ما لا يبدى لابن الزوج. ولم يذكر تعالى هنا العم ولا الخال. وقال الحسن : هما كسائر المحارم في جواز النظر قال : لأن الآية لم يذكر فيها الرضاع وهو كالنسب، وقال في سورة الأحزاب ﴿لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآاِهِنَّ﴾ ولم يذكر فيها البعولة وذكرهم هنا، والإضافة في ﴿نِسَآاِهِنَّ﴾ إلى المؤمنات تقتضي تعميم ما أضيف إليهن من النساء من مسلمة وكافرة كتابية ومشركة من اللواتي يكن في صحبة المؤمنات وخذمتهن، وأكثر السلف على أن قوله ﴿أَوْ نِسَآاِهِنَّ﴾ مخصوص بمن كان على دينهن.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٤٤
قال ابن عباس : ليس للمسلمة أن تتجرد بين نساء أهل الذمة ولا تبدي للكافرة إلاّ ما تبدي للأجانب إلاّ أن تكون أَمة لقوله ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ﴾ وكتب عمر إلى أبي عبيدة أن امنع نساء أهل الذمة من دخول الحمام مع المؤمنات. والظاهر العموم في قوله ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ﴾ فيشمل الذكور والإناث، فيجوز للعبد أن ينظر من سيدته ما ينظر أولئك المستثنون وهو مذهب عائشة وأم سلمة. وعن مجاهد : كان أمهات المؤمنين لا يحتجبن عن مكاتبهن ما بقي عليه درهم، وروي أن عائشة كانت تمتشط وعبدها ينظر إليها. وعن سعيد بن المسيب مثله ثم رجع عنه. وقال ابن مسعود والحسن وابن المسيب وابن سيرين : لا ينظر العبد إلى شعر مولاته وهو قول أبي حنيفة. وفي الحديث :"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً فوق ثلاث إلاّ مع ذي محرم" والعبد ليس بذي محرم. وقال سعيد بن المسيب : لا يغرنكم آية النور فإن المراد بها الإماء. قال الزمخشري : وهذا هو الصحيح لأن عبد المرأة بمنزلة الأجنبي منها خصياً كان أو فحلاً. وعن ميسون بنت بحدل الكلابية : إن معاوية دخل عليها ومعه خصي فتقنعت منه، فقال : هو خصي فقالت : يا معاوية أترى المثلة تحلل ما حرم الله. وعند أبي حنيفة لا يحل إمساك الخصيان واستخدامهم وبيعهم وشراؤهم، ولم ينقل عن أحد من السلف إمساكهم انتهى. والإربة الحاجة إلى الوطء لأنهم بله لا يعرفون شيئاً من أمر النساء، ويتبعون لأنهم يصيبون من فضل الطعام. قال ابن عطية : ويدخل في هذه
٤٤٨
الصفة المجنون والمعتوه والمخنث والشيخ الفاني والزمن الموقوذ بزمانته.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٤٤


الصفحة التالية
Icon