يكون متعلقاً بالنهي، وتكلم المفسرون في هذه الآية في الاستثناء في اليمين، وليست الآية في الإيمان والظاهر أمره تعالى بذكر الله إذا عرض له نسيان، ومتعلق النيسان غير متعلق الذكر. فقيل : التقدير ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ﴾ إذا تركت بعض ما أمرك به. وقيل واذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسيّ، وقد حمل قتادة ذلك على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها. وقيل :﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ﴾ بالتسبيح والاستغفار ﴿إِذَا نَسِيتَ﴾ كلمة الاستثناء تشديداً في البعث على الاهتمام بها. وقيل :﴿وَاذْكُر﴾ مشيئة ﴿رَبُّكَ﴾ إذا فرط منك نسيان لذلك أي ﴿إِذَا نَسِيتَ﴾ كلمة الاستثناء ثم تنبهت لها، فتداركتها بالذكر قاله ابن جبير. قال : ولو بعد يوم أو شهر أو سنة. وقال ابن الأنباري : بعد تقضي النسيان كما تقول : اذكر لعبد الله إذا صلى صاحبك أي إذا قضى الصلاة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٩١
والإشارة بقوله لأقرب من هذا إلى الشيء المنسي أي ﴿اذْكُرْ نِعْمَتِى﴾ عند نسيانه بأن تقول ﴿عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى﴾ لشيء آخر بدل هذا المنسي أقرب منه ﴿رَشَدًا﴾ وأدنى خيراً أو منفعة، ولعل النسيان كان خيرة كقوله ﴿أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ﴾. وقال الزمخشري : وهذا إشارة إلى بناء أهل الكهف، ومعناه لعل الله يؤتيني من البينات والحجج على أني نبيّ صادق ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشداً من بناء أصحاب الكهف، وقد فعل ذلك حيث آتاد من قصص الأنبياء والأخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك وأدل انتهى. وهذا تقدمه إليه الزجاج قال المعنى :﴿عَسَى ﴾ أن ييسر الله من الأدلة على نبوّتي أقرب من دليل أصحاب الكهف.. وقال ابن الأنباري :﴿عَسَى ﴾ أن يعرفني جواب مسائلكم قبل الوقت الذي حددته لكم ويعجل لي من جهته الرشاد. وقال محمد الكوفي المفسر : هي بألفاظها مما أمر أن يقولها كل من لم يستثن وإنها كفارة لنسيان الاستثناء.
﴿وَلَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ ثَلَـاثَ مِا ئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا * قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوْا ا لَه غَيْبُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِا أَبْصِرْ بِهِا وَأَسْمِعْا مَا لَهُم مِّن دُونِهِا مِن وَلِىٍّ وَلا يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِا أَحَدًا * وَاتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـاتِهِا وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِا مُلْتَحَدًا﴾.
الظاهر أن قوله ﴿وَلَبِثُوا ﴾ الآية إخبار من الله تعالى بمدة لبثهم نياماً في الكهف إلى أن أطلع الله عليهم. قال مجاهد : وهو بيان لمجمل قوله تعالى ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى ءَاذَانِهِمْ فِى الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا﴾ ولما تحرر هذا العدد بإخبار من الله تعالى أمر نبيه أن يقول ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوْا ﴾ فخبره هذا هو الحق والصدق الذي لا يدخله ريب، لأنه عالم ﴿غَيْبَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ والظاهر أن قوله ﴿بِمَا لَبِثُوْا ﴾ إشارة إلى المدة السابق ذكرها. وقال بعضهم :﴿بِمَا لَبِثُوْا ﴾ إشارة إلى المدة التي بعد الإطلاع عليهم إلى مدة الرسول صلى الله عليه وسلّم. وقيل : لما قال ﴿وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ كانت التسعة منبهمة هي الساعات والأيام والشهور والأعوام، واختلفت بنو إسرائيل بحسب ذلك فأمره تعالى برد العلم إليه يعني في التسع وهذا بعيد لأنه إذا سبق عدد مفسر وعطف عليه ما لم يفسر حمل تفسيره على السابق. وحكى النقاش أنها ثلاثمائة شمسية، ولما كان الخطاب للعرب زيدت التسع إذ حساب العرب هو بالقمر لاتفاق الحسابين. وقال قتادة ومطر الورّاق :﴿لَبِثُوا ﴾ إخبار من بني إسرائيل، واحتجوا بما في مصحف عبد الله وقالوا ﴿لَبِثُوا ﴾ وعلى غير قراءة عبد الله يكون معطوفاً على المحكي بقوله ﴿سَيَقُولُونَ﴾.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٩١
ثم أمر الله نبيه أن يرد العلم إليه ﴿بِمَا لَبِثُوْا ﴾
١١٦


الصفحة التالية
Icon