قال الحسن : لسن بطوافات في الطرق، وخيام الجنة : بيوت اللؤلؤ. وقال عمر بن الخطاب : هي در مجوف، ورواه عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلّم. ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ﴾ : أي قبل أصحاب الجنتين، ودل عليهم ذكر الجنتين. ﴿مُتَّكِاِينَ﴾، قال الزمخشري : نصب على الاختصاص. ﴿عَلَى رَفْرَفٍ﴾، قال ابن عباس وغيره : فضول المجلس والبسط. وقال ابن جبير : رياض الجنة من رف البيت تنعم وحسن. وقال ابن عيينة : الزرابي. وقال الحسن وابن كيسان : المرافق. وقرأ الفراء وابن قتيبة : المجالس. وعبقري، قال الحسن : بسط حسان فيها صور وغير ذلك يصنع بعبقر. وقال ابن عباس : الزرابي. وقال مجاهد : الديباج الغليظ. وقال ابن زيد : الطنافس. قال الفراء : الثخان منها. وقرأ الجمهور :﴿عَلَى رَفْرَفٍ﴾، ووصف بالجمع لأنه اسم جنس، الواحد منها رفرفة، واسم الجنس يجوز فيه أن يفرد نعته وأن يجمع لقوله :﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ﴾، وحسن جمعه هنا مقابلته لحسان الذي هو فاصلة. وقال صاحب اللوامح، وقرأ عثمان بن عفان، ونصر بن عاصم، والجحدري، ومالك بن دينار، وابن محيصن، وزهير العرقبي وغيره : رفارف جمع لا ينصرف، خضر بسكون الضاد، وعباقري بكسر القاف وفتح الياء مشددة ؛ وعنهم أيضاً : ضم الضاد ؛ وعنهم أيضاً : فتح القاف. قال : فأما منع الصرف من عباقري، وهي الثياب المنسوبة إلى عبقر، وهو موضع تجلب منه الثياب على قديم الأزمان، فإن لم يكن بمجاورتها، وإلا فلا يكون يمنع التصرف من ياءي النسب وجه إلا في ضرورة الشعر. انتهى. وقال ابن خالويه : على رفارف خضر، وعباقري النبي صلى الله عليه وسلّم والجحدري وابن محيصن. وقد روي عمن ذكرنا على رفارف خضر وعباقري بالصرف، وكذلك روي عن مالك بن دينار. وقرأ أبو محمد المروزي، وكان نحوياً : على رفارف خضار، يعني : على وزن فعال. وقال صاحب الكامل : رفارف جمع، عن ابن مصرف وابن مقسم وابن محيصن، واختاره شبل وأبو حيوة والجحدري والزعفراني، وهو الاختيار لقوله :﴿خُضْرٍ﴾، وعباقري بالجمع وبكسر القاف من غير تنوين، ابن مقسم وابن محيصن، وروي عنهما التنوين. وقال ابن عطية، وقرأ زهير العرقبي : رفارف بالجمع والصرف، وعنه : عباقري بفتح القاف والياء، على أن اسم الموضع عباقر بفتح القاف، والصحيح في اسم الموضع عبقر. انتهى. وقال الزمخشري، وروى أبو حاتم : عباقري بفتح القاف ومنع الصرف، وهذا لا وجه لصحته. انتهى. وقد يقال : لما منع الصرف رفارف، شاكله في عباقري، كما قد ينون ما لا ينصرف للمشاكلة، يمنع من الصرف للمشاكلة. وقرأ ابن هرمز : خضر بضم الضاد. قال صاحب اللوامح : وهي لغة قليلة. انتهى، ومنه قول طرفة :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨٤
أيها الفتيان في مجلسناجردوا منها وراداً وشقر
وقال آخر :
وما انتميت إلى خور ولا كسفولا لئام غداة الروع أوزاع
فشقر جمع أشقر، وكسف جمع أكسف. وقرأ الجمهور :﴿ذِى الْجَلَالِ﴾ : صفة لربك ؛ وابن عامر وأهل الشام : ذو صفة للاسم، وفي حرف. أبي عبد الله وأبيّ : ذي الجلال، كقراءتهما في الموضع الأول، والمراد هنا بالاسم المسمى. وقيل : اسم مقحم، كالوجه في ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾، ويدل عليه إسناد ﴿تَبَارَكَ﴾ لغير الاسم في مواضع، كقوله :﴿تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، ﴿تَبَارَكَ الَّذِى إِن شَآءَ﴾، ﴿تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾. وقد صح الإسناد إلى الاسم لأنه بمعنى العلو، فإذا علا الاسم، فما ظنك بالمسمى ؟
ولما ختم تعالى نعم الدنيا بقوله :﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالاكْرَامِ﴾، ختم نعم الآخرة بقوله :﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِى الْجَلَالِ وَالاكْرَامِ﴾ وناسب هنالك ذكر البقاء والديمومة له تعالى، إذ ذكر فناء العالم ؛ وناسب هنا ذكر ما اشتق من البركة، وهي النمو والزيادة، إذ جاء ذلك عقب ما امتن به على المؤمنين، وما آتاهم في دار كرامته من الخير وزيادته وديمومته، ويا ذا الجلال والإكرام من الصفات التي جاء في الحديث أن يدعى الله بها، قال صلى الله عليه وسلّم :"ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام".
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨٤