سورة القلم
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٣جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٤
٣٠٤
المهين، قال الرماني : الوضيع لإكثاره من القبائح، من المهانة، وهي القلة. الهمز : أصله في اللغة الضرب طعناً باليد أو بالعصا أو نحوها، ثم استعير للذي ينال بلسانه. قال القاضي منذر بن سعيد : وبعينه وإشارته. النميم والنميمة : مصدران لنمّ، وهو نقل ما يسمع مما يسوء ويحرش النفوس. وقيل : النميم جمع نميمة، يريدون به اسم الجنس. العتل، قال الكلبي والفرّاء : الشديد الخصومة بالباطل. وقال معمر : هو الفاحش اللئيم. قال الشاعر :
بعتلّ من الرّجال زنيمغير ذي نجدة وغير كريم
وقيل : الذي يعتل الناس : أي يجرّهم إلى حبس أو عذاب، ومنه :﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ﴾. قال ابن السكيت : عتلته وعتنته باللام والنون. الزنيم : الدعي. قال حسان :
زنيم تداعاه الرّجال زيادةكما زيد في عرض الأديم الأكارع
وقال أيضاً :
وأنت زنيم نيط في آل هاشمكما نيط خلف الراكب القدح الفرد
والزنيم من الزنمة، وهي الهنة من جلد الماعز، تقطع فتخلى معلقة في حلقة، سمي الدعي بذلك لأنه زيادة معلقة بغير أهله. وسمه : جعل له سمة، وهي العلامة تدل على شيء. قال جرير :
لما وضعت على الفرزدق ميسميوعلى البعيث جدعت أنف الأخطل
الخرطوم : الأنف، والخرطوم من صفات الخمر، قال الشاعر :
قد أشهد الشرب فيهم مزهر زنموالقوم تصرعهم صهباء خرطوم
قال الشمنتري : الخرطوم أول خروجها من الدّن، ويقال لها الأنف أيضاً، وذلك أصفى لها وأرق. وقال النضر بن شميل : الخرطوم : الخمر، وأنشد للأعرج المغني :
تظل يومك في لهو وفي لعبوأنت بالليل شراب الخراطيم
الصرام : جداد النخل. الجرد : المنع، من قولهم : حاردت الإبل إذا قلت ألبانها، وحاردت السنة : قلّ مطرها وخيرها، قاله أبو عبيد والقتبي، والحرد : الغضب. قال أبو نضر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي : وهو مخفف، وأنشد :
إذا جياد الخيل جاءت ترديمملوءة من غضب وحرد
وقال الأشهب بن رميلة :
أسود شرى لاقت أسود خفيةتساقوا على حرد دماء الأساود
وقال ابن السكيت : وقد يحرك، تقول : حرد بالكسر حرداً فهو حردان، ومنه قيل : أسد حارد، وليوث حوارد، والحرد : الانفراد، حرد يحرد حروداً : تنحى عن قومه ونزل منفرداً ولم يخالطهم، وكوكب حرود : معتزل عن الكواكب. وقال الأصمعي : المنحرد : المنفرد في لغة هذيل. انتهى. والحرد : القصد، حرد يحرد بالكسر : قصد، ومنه حردت حردك : أي قصدت قصدك. ومنه قول الشاعر :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٤
وجاء سيل كان من أمر اللهيحرد حرد الجنة المغله
٣٠٥
﴿وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لاجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾.
هذه السورة مكية. قال ابن عطية : ولا خلاف فيها بين أحد من أهل التأويل. انتهى. ومعظمها نزل في الوليد بن المغيرة وأبي جهل. ومناسبتها لما قبلها : أنه فيما قبلها ذكر أشياء من أحوال السعداء والأشقياء، وذكر قدرته الباهرة وعلمه الواسع، وأنه تعالى لو شاء لخسف بهم أو لأرسل عليهم حاصباً. وكان ما أخبر تعالى به هو ما تلقفه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالوحي، وكان الكفار ينسبونه مرة إلى الشعر، ومرة إلى السحر، ومرة إلى الجنون ؛ فبدأ سبحانه وتعالى هذه السورة ببراءته مما كانوا ينسبونه إليه من الجنون، وتعظيم أجره على صبره على أذاهم، وبالثناء على خلقه العظيم.
﴿﴾ : حرف من حروف المعجم، نحو ص وق، وهو غير معرب كبعض الحروف التي جاءت مع غيرها مهملة من العوامل والحكم على موضعها بالإعراب تخرص. وما يروى عن ابن عباس ومجاهد : أنه اسم الحوت الأعظم الذي عليه الأرضون السبع. وعن ابن عباس أيضاً والحسن وقتادة والضحاك : أنه اسم الدواة. وعن معاوية بن قرة : يرفعه أنه لوح من نور. وعن ابن عباس أيضاً : أنه آخر حرف من حروف الرحمن. وعن جعفر الصادق : أنه نهر من أنهار الجنة، لعله لا يصح شيء من ذلك. وقال أبو نصر عبد الرحيم القشيري في تفسيره : ن حرف من حروف المعجم، فلو كان كلمة تامة أعرب كما أعرب القلم، فهو إذن حرف هجاء كما في سائر مفاتيح السور. انتهى. ومن قال إنه اسم الدواة أو الحوت وزعم أنه مقسم به كالقلم، فإن كان علماً فينبغي أن يجر، فإن كان مؤنثاً منع الصرف، أو مذكراً صرف، وإن كان جنساً أعرب، ونون وليس فيه شيء من ذلك فضعف القول به. وقال ابن عطية : إذا كان اسماً للدواة، فإما أن يكون لغة لبعض العرب، أو لفظة أعجمية عربت، قال الشاعر :
إذا ما الشوق برّح بي إليهمألقت النون بالدمع السجوم
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٤