سورة القيامة
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٨٠٣٨١
برق بكسر الراء : فزع ودهش، وأصله من برق الرجل، إذا نظر إلى البرق فدهش بصره، ومنه قول ذي الرمّة :
ولو أنّ لقمان الحكيم تعرّضتلعينيه ميّ سافراً كاد يبرق
قال الأعشى :
وكنت أرى في وجه مية لمحةفأبرق مغشياً عليّ مكانياً
وبرق بفتح الراء : شق بصره، وهو من البريق، أي لمع بصره من شدّة شخوصه. الوزر : ما يلجأ إليه من حصن أو جبل أو غيرهما، قال الشاعر :
لعمرك ما للفتى من وزرمن الموت يدركه والكبر
النضرة : النعمة وجمال البشرة وطراوتها، قال الشاعر :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٨١
أبى لي قبر لا يزال مقابليوضربة فاس فوق رأسي فاقره
أي : مؤثرة. التراقي جمع ترقوة : وهي عظام الصدر، ولكل إنسان ترقونان، وهو موضع الحشرجة، قال دريد بن الصمة :
ورب عظيمة دافعت عنهموقد بلغت نفوسهم التراقي
رقي يرقى من الرقية، وهي ما يستشفى به للمريض من الكلام المعد لذلك. تمطى : تبختر في مشيته، وأصله من المطا وهو الظهر، أي يلوي مطاه تبختراً. وقيل : أصله تمطط : أي تمدّد في مشيته، ومد منكبيه، قلبت الطاء فيه حرف علة كراهة اجتماع الأمثال، كما قالوا : تظني من الظن، وأصله تظنن، والمطيطا : التبختر ومد اليدين في المشي، والمطيط : الماء الخاثر في أسفل الحوض، لأنه يتمطط فيه، أي يمتد ؛ وعلى هذا الاشتقاق لا يكون أصله من المط لاختلاف المادتين، إذ مادة المطا م ط و، ومادة تمطط م ط ط. سدى : مهمل، يقال إبل سدى : أي مهملة ترعى حيث شاءت بلا راع، وأسديت الشيء : أي أهملته، وأسديت حاجتي : ضيعتها. قال الشاعر :
فأقسم بالله جهد اليمينما خلق الله شيئاً سدى
وقال أبو بكر بن دريد في المقصورة :
لم أر كالمزن سواما بهلاتحسبها مرعية وهي سدى
﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الانسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَه * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّىَ بَنَانَه * بَلْ يُرِيدُ الانسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَه * يَسْاَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ * فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الانسَانُ يومئذ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلا لا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يومئذ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّؤُا الانسَانُ يَوْمَاِذا بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ * بَلِ الانسَانُ عَلَى نَفْسِهِا بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَه * لا تُحَرِّكْ بِهِا لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِا * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَه وَقُرْءَانَه * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَه * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه * كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الاخِرَةَ * وُجُوهٌ يومئذ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَاِذا بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ * كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِىَ * وَقِيلَ مَنْا رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يومئذ الْمَسَاقُ * فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِا يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * أَيَحْسَبُ الانسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالانثَى * أَلَيْسَ ذَالِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحِْاىَ الْمَوْتَى ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٨١
هذه السورة مكية. ومناسبتها لما قبلها : أن في آخر ما قبلها قوله :﴿كَلا بَل لا يَخَافُونَ الاخِرَةَ * كَلا إِنَّه تَذْكِرَةٌ﴾، وفيها كثير من أحوال القيامة، فذكر هنا يوم القيامة وجملاً من أحوالها. وتقدّم الكلام في ﴿لا أُقْسِمُ﴾. والخلاف في لا، والخلاف في قراآتها في أواخر الواقعة. أقسم تعالى بيوم القيامة لعظمه وهو له. و﴿لا أُقْسِمُ﴾، قيل : لا نافية، نفى أن يقسم بالنفس اللوّامة وأقسم بيوم القيامة، نص على هذا الحسن ؛ والجمهور : على أن الله أقسم بالأمرين. واللوّامة، قال الحسن : هي التي تلوم صاحبها في ترك الطاعة ونحوها، فهي على هذا ممدوحة، ولذلك أقسم الله بها. وروي نحوه عن ابن عباس وعن مجاهد، تلوم على ما فات وتندم على الشر لم فعلته، وعلى الخير لم لم تستكثر منه. وقيل : النفس المتقية التي تلوم النفوس في يوم القيامة على تقصيرهنّ في التقوى. وقال ابن عباس وقتادة : هي الفاجرة الخشعة اللوّامة لصاحبها على ما فاته من سعي الدنيا وأعراضها، فهي على هذا ذميمة، ويحسن نفي القسم بها. والنفس اللوّامة : اسم جنس بهذا الوصف. وقيل : هي نفس معينة، وهي نفس آدم عليه السلام، لم تزل لائمة له على فعله الذي أخرجه من الجنة. قال ابن عطية : وكل نفس متوسطة ليست بمطمئنة ولا أمّارة بالسوء فإنها لوّامة في الطرفين، مرّة تلوم على ترك الطاعة، ومرّة تلوم على فوت ما تشتهي، فإذا اطمأنت خلصت وصفت. انتهى. والمناسبة بين القسمين من حيث أحوال النفس من سعادتها وشقاوتها وظهور ذلك في يوم القيامة، وجواب القسم محذوف يدل عليه يوم القيامة المقسم به وما بعده من قوله :﴿أَيَحْسَبُ﴾ الآية، وتقديره لتبعثن. وقال الزمخشري : فإن قلت : قوله تعالى :﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾، والأبيات التي أنشدتها المقسم عليه فيها منفي، وكان قد أنشد قول امرىء القيس :
لا وأبيك ابنة العامريلا يدعي القوم إني أفرّ
وقول غوية بن سلمى :
ألا نادت أمامة باحتماليلتحزنني فلا بك ما أبالي
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٨١