﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِى إسرائيل مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِن فِرْعَوْنَا إِنَّه كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَءَاتَيْنَاهُم مِّنَ الايَاتِ مَا فِيهِ بَلَاؤٌ مُّبِينٌ * إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِىَ إِلا مَوْتَتُنَا الاولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ * فَأْتُوا بِاَابَآا ِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِم أَهْلَكْنَاهُم إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالارْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلا بِالْحَقِّ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لا يُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْاًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ * إِلا مَن رَّحِمَ اللَّه إِنَّه هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الاثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِى فِى الْبُطُونِ * كَغَلْىِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَآءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِا مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هذا مَا كُنتُم بِهِا تَمْتَرُونَ * إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى مَقَامٍ أَمِينٍ * فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَالِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ ءَامِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الاولَى وَوَقَا هُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلا مِّن رَّبِّكَا ذَالِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠
لما ذكر تعالى إهلاك فرعون وقومه، ذكر إحسانه لبني إسرائيل ؛ فبدأ بدفع الضرر عنهم، وهو نجاتهم مما كانوا فيه من العذاب. ثم ذكر اتصال النفع لهم، من اختيارهم على العالمين، وإيتائهم الآيات والعذاب المهين : قتل أبنائهم، واستخدامهم في الأعمال الشاقة. وقرأ عبد الله :﴿مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ : وهو من إضافة الموصوف إلى صفته، كبقلة الحمقاء. و﴿مِن فِرْعَوْنَ﴾ : بدل ﴿مِنَ الْعَذَابِ﴾، على حذف مضاف، أي من عذاب فرعون. أولاً حذف جعل فرعون نفسه هو العذاب مبالغة. وقيل : يتعلق بمحذوف، أي كائناً وصادراً من فرعون. وقرأ ابن عباس :﴿مِن فِرْعَوْنَ﴾، من : استفهام مبتدأ، وفرعون خبره. لما وصف فرعون بالشدة والفظاعة قال : من فرعون ؟ على معنى : هل تعرفونه من هو في عتوه وشيطنته ؟ ثم عرف حاله في ذلك بقوله :﴿إِنَّه كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ : أي مرتفعاً على العالم، أو متكبراً مسرفاً من المسرفين.
﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ﴾ : أي اصطفيناهم وشرفناهم. ﴿عَلَى عِلْمٍ﴾ علم مصدر لم يذكر فاعله، فقيل : على علم منهم، وفضل فيهم، فاخترناهم للنبوات والرسالات. وقيل : على علم منا، أي عالمين بمكان الخيرة، وبأنهم أحقاء بأن يختاروا. وقيل : على علم منا بما يصدر من العدل والإحسان والعلم والإيمان، بأنهم يزيفون، وتفرط منهم الهنات في بعض الأموال.
٣٧
وقيل : اخترناهم بهذا الإنجاء وهذه النعم على سابق علم لنا فيهم، وخصصناهم بذلك دون العالم. ﴿عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ : أي عالمي زمانهم، لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلّم مفضلة عليهم. وقيل : على العالمين عام لكثرة الأنبياء فيهم، وهذا خاص بهم ليس لغيرهم. وكان الاختيار من هذه الجهة، لأن أمة محمد أفضل. وعلى، في قوله :﴿عَلَى عِلْمٍ﴾، ليس معناها معنى على في قوله :﴿عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، ولذلك تعلقا بفعل واحد لما اختلف المدلول، كقوله :
ويوماً على ظهر الكتيب تعذرتعليّ وآلت حلفة لم يحلل
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠


الصفحة التالية
Icon