أي : ومن يمدحه، فحذف الموصول وأبقى صلته. وقال ابن عطية : وثم ظرف العامل فيه رأيت أو معناه، التقدير : رأيت ما ثم حذفت ما. انتهى. وهذا فاسد، لأنه من حيث جعله معمولاً لرأيت لا يكون صلة لما، لأن العامل فيه إذ ذاك محذوف، أي ما استقر ثم. وقرأ الجمهور : ثم بفتح الثاء ؛ وحميد الأعرج : ثم بضم التاء حرف عطف، وجواب إذا على هذا محذوف، أي وإذا رميت ببصرك رأيت نعيماً ؛ والملك الكبير قيل : النظر إلى الله تعالى. وقال السدّي : استئذان الملائكة عليهم. وقال أكثر المفسرين : الملك الكبير : اتساع مواضعهم. وقال الكلبي : كبيراً عريضاً يبصر أدناهم منزلة في الجنة مسيرة ألف عام، يرى أقصاه كما يرى أدناه، وقاله عبد الله بن عمر، وقال : ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف غلام، كلهم مختلف شغله من شغل أصحابه. وقال الترمذي، وأظنه الترمذي الحكيم لا أبا عيسى الحافظ صاحب الجامع : هو ملك التكوين والمشيئة، إذا أراد شيئاً كان قوله تعالى :﴿لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا﴾، وقيل غير هذه الأقوال.
وقرأ عمر وابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأهل مكة وجمهور السبعة :﴿عَلَيْهِمْ﴾ بفتح الياء ؛ وابن عباس : بخلاف عنه ؛ والأعرج وأبو جعفر وشيبة وابن محيصن ونافع وحمزة : بسكونها، وهي رواية أبان عن عاصم. وقرأ ابن مسعود والأعمش وطلحة وزيد بن عليّ : بالياء مضمومة ؛ وعن الأعمش وأبان أيضاً عن عاصم : بفتح الياء. وقرأ : عليهم حرف جر، ابن سيرين ومجاهد وقتادة وأبو حيوة وابن أبي عبلة والزعفراني وأبان أيضاً ؛ وقرأت عائشة رضي الله عنها : علتهم بتاء التأنيث فعلاً ماضياً، فثياب فاعل. ومن قرأ بالياء مضمومة فمبتدأ خبره ثياب ؛ ومن قرأ عليهم حرف جر فثياب مبتدأ ؛ ومن قرأ بنصب الياء وبالتاء ساكنة فعلى الحال، وهو حال من المجرور في ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾، فذوا لحال الطوف عليهم والعامل يطوف. وقال الزمخشري : وعاليهم بالنصب على أنه حال من الضمير في ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾، أو في ﴿حَسِبْتَهُمْ﴾، أي يطوف عليهم ولدان عالياً للمطوف عليهم ثياب، أو حسبتهم لؤلؤاً عالياً لهم ثياب. ويجوز أن يراد : رأيت أهل نعيم وملك عاليهم ثياب. انتهى. إما أن يكون حالاً من الضمير في ﴿حَسِبْتَهُمْ﴾، فإنه لا يعني إلا ضمير المفعول، وهذا عائد على ﴿وِلْدَانٌ﴾، ولذلك قدر عاليهم بقوله : عالياً لهم، أي للولدان، وهذا لا يصح لأن الضمائر الآتية بعد ذلك تدل على أنها للمطوف عليهم من قوله :﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ﴾، وإن هذا كان لكم جزاء، وفك الضمائر يجعل هذا كذا وذاك كذا مع عدم الاحتياج والاضطرار إلى ذلك لا يجوز. وأما جعله حالاً من محذوف وتقديره أهل نعيم، فلا حاجة إلى ادعاء الحذف مع صحة الكلام وبراعته دون تقدير ذلك المحذوف، وثياب مرفوع على الفاعلية بالحال. وقال ابن عطية : ويجوز في النصب في القراءتين أن يكون على الظرف لأنه بمعنى فوقهم. انتهى. وعال وعالية اسم فاعل، فيحتاج في إثبات كونهما ظرفين إلى أن يكون منقولاً من كلام العرب عاليك أو عاليتك ثوب. وقرأ الجمهور : ثياب بغير تنوين على الإضافة إلى سندس.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٩١
وقرأ ابن عبلة وأبو حيوة : عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق، برفع الثلاثة، برفع سندس بالصفة لأنه جنس، كما تقول : ثوب حرير،
٣٩٩
تريد من حرير ؛ وبرفع خضر بالصفة أيضاً لأن الخضرة لونها ؛ ورفع استبرق بالعطف عليها، وهو صفة أقيمت مقام الموصوف تقديره : وثياب استبرق، أي من استبرق. وقرأ الحسن وعيسى ونافع وحفص : خضر برفعهما. وقرأ العربيان ونافع في رواية : خضر بالرفع صفة لثياب، وإستبرق جر عطفاً على سندس. وقرأ ابن كثير وأبو بكر : بجر خضر صفة لسندس، ورفع إستبرق عطفاً على ثياب. وقرأ الأعمش وطلحة والحسن وأبو عمرو : بخلاف عنهما ؛ وحمزة والكسائي : ووصف اسم الجنس الذي بينه وبين واحده تاء التأنيث، والجمع جائز فصيح كقوله تعالى :﴿وَيُنشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾، وقال :﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَـاتٍ﴾، فجعل الحال جمعاً، وإذا كانوا قد جمعوا صفة اسم الجنس الذي ليس بينه وبين واحده تاء التأنيث المحكي بأل بالجمع، كقولهم : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض، حيث جمع وصفهما ليس بسديد، بل هو جائز أورده النحاة مورد الجواز بلا قبح.


الصفحة التالية
Icon