وقتادة : بالمعصرات، بالياء بدل من. قال ابن عطية : فهذا يقوي أنه أراد الرياح. وقال الزمخشري : فيه وجهان : أن يراد بالرياح التي حان لها أن تعصر السحاب، وأن يراد السحاب، لأنه إذا كان الأنزال منها فهو بها، كما تقول : أعطى من يده درهماً، وأعطى بيده درهماً. ﴿ثَجَّاجًا﴾ : منصباً بكثرة، ومنه أفضل الحج العج والثج : أي رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدى. وقرأ الأعرج : ثجاحاً بالحاء : آخراً، ومساجح الماء : مصابه، والماء ينثجح في الوادي. ﴿حَبًّا وَنَبَاتًا﴾ : بدأ بالحب لأنه الذي يتقوت به، كالحنطة والشعير، وثنى بالنبات فشمل كل ما ينبت من شجر وحشيش ودخل فيه الحب. ﴿أَلْفَافًا﴾ : ملتفة، قال الزمخشري : ولا واحد له، كالأوزاع والأخياف. وقيل : الواحد لف : قال صاحب الإقليد : أنشدني الحسن بن علي الطوسي :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٠٩
جنة لف وعيش مغدقوندامى كلهم بيض زهر
ولو قيل : هو جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد لكان قولاً وجيهاً. انتهى. ولا حاجة إلى هذا القول ولا إلى وجاهته، فقد ذكر في المفردات أن مفرده لف بكسر اللام، وأنه قول جمهور أهل اللغة. ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ﴾ : هو يوم القيامة يفصل فيه بين الحق والباطل، ﴿كَانَ مِيقَـاتًا﴾ : أي في تقدير الله وحكمه تؤقت به الدنيا وتنتهي عنده أو حداً للخلائق ينتهون إليه. ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ﴾ : بدل من يوم الفصل. قال الزمخشري : أو عطف بيان، وتقدم الكلام في الصور. وقرأ أبو عياض : في الصور بفتح الواو جمع صورة، أي يرد الله الأرواح إلى الأبدان ؛ والجمهور : بسكون الواو. و﴿فَتَأْتُونَ﴾ من القبور إلى الموقف أمماً، كل أمة بإمامها. وقيل : جماعات مختلفة. وذكر الزمخشري حديثاً في كيفيات قبيحة لعشرة أصناف يخلقون عليها، وسبب خلقه من خلق على تلك الكيفية الله أعلم بصحته. وقرأ الكوفيون :﴿وَفُتِحَتْ﴾ : خف ؛ والجمهور : بالتشديد، ﴿فَكَانَتْ أَبْوَابًا﴾ تنشق حتى يكون فيها فتوح كالأبواب في الجدرات. وقيل : ينقطع قطعاً صغاراً حتى تكون كالألواح، الأبواب المعهود. وقال الزمخشري :﴿السَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا﴾ : أي كثرت أبوابها لنزول الملائكة، كأنها ليست إلا أبواباً مفتحة، كقوله :﴿وَفَجَّرْنَا الارْضَ عُيُونًا﴾، كأن كلها عيون تنفجر. وقيل : الأبواب : الطرق والمسالك، أي تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقاً لا يسدها شيء. ﴿فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ : أي تصير شيئاً كلا شيء لتفرق أجزائها وانبثاث جواهرها. انتهى. وقال ابن عطية : عبارة عن تلاشيها وفنائها بعد كونها هباء منبثاً، ولم يرد أن الجبال تشبه الماء على بعد من الناظر إليها. وقال الواحدي : على حذف مضاف، أي ذات أبواب.
قوله عز وجل :﴿جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِّلطَّـاغِينَ مَـاَابًا * لَّـابِثِينَ فِيهَآ أَحْقَابًا * لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا * إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا * جَزَآءً وِفَاقًا * إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا * وَكَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَا كِذَّابًا * وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَـاهُ كِتَـابًا * فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلا عَذَابًا * إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَآاِقَ وَأَعْنَـابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذاَّبًا * جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابًا * رَّبِّ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَـانِا لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا * يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَئاِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـانُ وَقَالَ صَوَابًا * ذَالِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّا فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِا مَـاَابًا * إِنَّآ أَنذَرْنَـاكُمْ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٠٩