بحسبه الجاهل ما لم يعلما
ومحبوب وهارون، كلاهما عن أبي عمرو : بالنون الشديدة. وقيل : هو مأخوذ من سفعته النار والشمس، إذا غيرت وجهه إلى حال شديد. وقال التبريزي : قيل : أراد لنسودن وجهه من السفعة وهي السواد، وكفت من الوجه لأنها في مقدمة. وقرأ الجمهور :﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ﴾، بجر الثلاثة على أن ناصية بدل نكرة من معرفة. قال الزمخشري : لأنها وصفت فاستقبلت بفائدة، انتهى. وليس شرطاً في إبدال النكرة من المعرفة أن توصف عند البصريين خلافاً لمن شرط ذلك من غيرهم، ولا أن يكون من لفظ الأول أيضاً خلافاً لزاعمه. وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وزيد بن علي : بنصب الثلاثة على الشتم ؛ والكسائي في رواية : برفعها، أي هي ناصبة كاذبة خاطئة، وصفها بالكذب والخطأ مجازاً، والحقيقة صاحبها، وذلك أحرى من أن يضاف فيقال : ناصية كاذب خاطىء، لأنها هي المحدث عنها في قوله :﴿لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ﴾. ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ : إشارة إلى قول أبي جهل : وما بالوادي أكبر نادياً مني، والمراد أهل النادي. وقال جرير :
لهم مجلس صهب السبال أذلة
أي أهل مجلس، ولذلك وصف بقوله : صهب السبال أذلة، وهو أمر تعجبي، أي لا يقدره الله على ذلك، لو دعا ناديه لأخذته الملائكة عياناً. وقرأ الجمهور :﴿سَنَدْعُ﴾ بالنون مبنياً للفاعل، وكتبت بغير واو لأنها تسقط في الوصل لالتقاء الساكنين. وقرأ ابن أبي عبلة : سيدعى مبنياً للمفعول الزبانيه رفع. ﴿كَلا﴾ : ردع لأبي جهل، ورد عليه في :﴿لا تُطِعْهُ﴾ : أي لا تلتفت إلى نهيه وكلامه. ﴿وَاسْجُدْ﴾ : أمر له بالسجود، والمعنى : دم على صلاتك، وعبر عن الصلاة بأفضل الأوصاف التي يكون العبد فيها أقرب إلى الله تعالى، ﴿وَاقْتَرِب﴾ : وتقرب إلى ربك. وثبت في الصحيحين سجود رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ﴿إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ﴾، وفي هذه السورة، وهي من العزائم عند علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وكان مالك يسجد فيها في خاصية نفسه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٢


الصفحة التالية
Icon