وأشرط الرجل نفسه : ألزمها أموراً. قال أوس بن حجر
٧٠
فأشرط فيها نفسه وهو معصمفألقى بأسباب له وتوكلا
العسل : معروف، وعسل بن ذكوان رجل نحوي قديم. المعي : مقصور، وألفه منقلبة عن ياء، يدل عليه تثنيته معيان، بقلب الألف ياء. والمعي : ما في البطن من الحوايا. القفل : معروف، وأصله اليبس والصلابة. والقفل والقفيل : ما يبس من الشجر. والقفيل أيضاً : نبت، والقفيل : السوط ؛ وأقفله الصوم : أيبسه، قاله الجوهري. آيفاً وآنفاً : هما اسما فاعل، ولم يستعمل فعلهما، والذي استعمل ائتنف، وهما بمعنى مبتديا، وتفسيرهما بالساعة تفسير معنى. وقال الزجاج : هو من استأنفت الشيء، إذا ابتدأته. فأولى لهم، قال صاحب الصحاح : قول العرب أولى لك : تهديد وتوعيد، ومنه قول الشاعر :
فأولى ثم أولى ثم أولىوهل للدار يحلب من مرد
انتهى. واختلفوا، أهو اسم أو فعل ؟ فذهب الأصمعي إلى أنه بمعنى قاربه ما يهلكه، أي نزل به، وأنشد :
تعادى بين هاديتين منهاوأولى أن يزيد على الثلاث
أي : قارب أن يزيد. قال ثعلب : لم يقل أحد في أولى أحسن مما قال الأصمعي. وقال المبرد : يقال لمن هم بالعطب، كما روي أن أعرابياً كان يوالي رمي الصيد فينفلت منه فيقول : أولى لك رمي صيداً فقاربه ثم أفلت منه، وقال :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٩
فلو كان أولى يطعم القوم صيدهم ولكن أولى يترك القوم جوّعا والأكثرون على أنه اسم، فقيل : هو مشتق من الولي، وهو القرب، كما قال الشاعر :
تكلفني ليلى وقد شط وليهاوعادت عواد بيننا وخطوب
وقال الجرجاني : هو ما حول من الويل، فهو أفعل منه، لكن فيه قلب. الضغن والضغينة : الحقد. قال عمرو بن كلثوم :
فإن الضغن بعد الضغن يغشوعليك ويخرج الداء الدفينا
وقد ضغن بالكسر، وتضاغن القوم وأضغنوا : بطنوا الأحقاد. وقد ضغن عليه، وأضغنت الصبي : أخذته تحت حضنك، وأنشد الأحمر :
كأنه مضغن صبيا
وقال ابن مقبل :
ما اضطغنت سلاحي عند معركها
وفرس ضاغن : لا يعطي ما عنده من الجري إلا بالضرب. وأصل الكلمة من الضغن، وهو الالتواء والاعوجاج في قوائم الدابة والقناة وكل شيء. وقال بشر :
كذات الضغن تمشي في الزقاق
وأنشد الليث :
إن فتاتي من صليات القنا
ما زادها التثقيف إلا ضغنا
والحقد في القلب يشبه به. وقال قطرب :
والليث أضغن العداوة
قال الشاعر :
قل لابن هند ما أردت بمنطقنشأ الصديق وشيد الأضغانا
لحنت له : بفتح الحاء، ألحن لحناً : قلت له قولاً يفهمه عنك ويخفى عن غيره ؛ ولحنه هو بالكسر : فهمه ؛ وألحنه : فهمه ؛ وألحنته أنا إياه ولاحنت الناس : فاطنتهم. وقال الشاعر :
منطق صائب ويلحن أحيانا وخير الحديث ما كان لحنا
وقال القتال الكلابي :
ولقد وميت لكم لكيما تفهمواولحنت لحناً ليس بالمرتاب
وقيل : لحن القول : الذهاب عن الصواب، مأخوذ من اللحن في الإعراب. وتره : نقصه، مأخوذ من الدخل. وقيل من الوتر، وهو الفرد.
﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَـالَهُمْ * وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ وَءَامَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِم كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّـاَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَالِكَ﴾.
هذه السورة مدنية عند الأكثر. وقال الضحاك، وابن جبير، والسدي : مكية. وقال ابن عطية : مدنية بإجماع، وليس كما قال، وعن ابن عباس، وقتادة : أنها مدنية، إلا آية منها نزلت بعد حجة، حين خرج من مكة وجعل ينظر إلى البيت، وهي :﴿وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ﴾ الآية. ومناسبة أولها لآخر ما قبلها واضحة جداً.
﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ : أي أعرضوا عن الدخول في الإسلام، أو صدوا غيرهم عنه، وهم أهل مكة الذين أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال ابن عباس : وهم المطعمون يوم بدر. وقال مقاتل : كانوا اثني
٧٢
عشر رجلاً من أهل الشرك، يصدون الناس عن الإسلام ويأمرونهم بالكفر، وقيل : هم أهل الكتاب، صدوا من أراد منهم ومن غيرهم أن يدخل في الإسلام. وقال الضحاك :﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ : عن بيت الله، يمنع قاصديه، وهو عام في كل من كفر وصد. ﴿أَضَلَّ أَعْمَـالَهُمْ﴾ : أي أتلفها، حيث لم ينشأ عنها خير ولا نفع، بل ضرر محض. وقيل : نزلت هذه الآية ببدر، وأن الإشارة بقوله :﴿أَضَلَّ أَعْمَـالَهُمْ﴾ إلى الاتفاق الذي اتفقوه في سفرهم إلى بدر. وقيل : المراد بالأعمال : أعمالهم البرة في الجاهلية، من صلة رحم وفك عان ونحو ذلك ؛ واللفظ يعم جميع ذلك.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٩


الصفحة التالية
Icon