وهي حال مقدرة، لأنها حالة الإنبات، لم تكن طوالاً. وباسقات جمع. ﴿وَالنَّخْلَ﴾ اسم جنس، فيجوز أن يذكر، نحو قوله :﴿نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾، وأن يؤنث نحو قوله تعالى :﴿نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾، وأن يجمع باعتبار إفراده، ومنه باسقات، وقوله :﴿وَيُنشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾. والجمهور : باسقات بالسين. وروى قطبة بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلّم، أنه قرأ : باصقات بالصاد، وهي لغة لبني العنبر، يبدلون من السين صاداً إذا وليتها، أو فصل بحرف أو حرفين، خاء أو عين أو قاف أو طاء. ﴿لَّهَا طَلْعٌ﴾ : تقدم شرحه عند ﴿مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١١٨
﴿نَّضِيدٌ﴾ : أي منضود بعضه فوق بعض، بريد كثرة الطلع وتراكمه، أي كثرة ما فيه من الثمر. وأول ظهور الثمر في الكفرى هو أبيض ينضد كحب الرمان، فما دام ملتصقاً بعضه ببعض فهو نضيد، فإذا خرج من الكفرى تفرق فليس بنضيد. و﴿رِزْقًا﴾ نصب على المصدر، لأن معنى : وأنبتنا رزقنا، أو على أنه مفعول له. وقرأ الجمهور :﴿مَيْتًا﴾ بالتخفيف ؛ وأبو جعفر، وخالد : بالتثقيل، والإشارة في ذلك إلى الإحياء، أي الخروج من الأرض أحياء بعد موتكم، مثل ذلك الحياة للبلدة الميت، وهذه كلها أمثلة وأدلة على البعث.
وذكر تعالى في السماء ثلاثة : البناء والتزين ونفي الفروج، وفي الأرض ثلاثة : المد وإلقاء الرواسي والإنبات. قابل المد بالبناء، لأن المد وضع والبناء رفع. وإلقاء الرواسي بالتزيين بالكواكب، لارتكاز كل واحد منهما. والإنبات المترتب على الشق بانتفاء الفروج، فلا شق فيها. ونبه فيما تعلق به الإنبات على ما يقطف كل سنة ويبقي أصله، وما يزرع كل سنة أو سنتين ويقطف كل سنة، وعلى ما اختلط من جنسين، فبعض الثمار فاكهة لا قوت، وأكثر الزرع قوت والثمر فاكهة وقوت.
ولما ذكر تعالى قوله :﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ﴾، ذكر من كذب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلّم، وتقدم الكلام على مفردات هذه الآية هذه الآية وقصص من ذكر فيها. وقرأ أبو جعفر، وشيبة، وطلحة، ونافع : الأيكة بلام التعريف ؛ والجمهور : ليكة. ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ : أي كلهم، أي جميعهم كذب ؛ وحمل على لفظ كل، فأفرد الضمير في كذب. وقال الزمخشري : يجوز أن يراد به كل واحد منهم. انتهى. والتنوين في كل تنوين عوض من المضاف إليه المحذوف. وأجاز محمد بن الوليد، وهو من قدماء نحاة مصر، أن يحذف التنوين من كل جعله غاية، ويبنى على الضم، كما يبنى قبل وبعد، فأجاز كل منطلق بضم اللام دون تنوين، ورد ذلك عليه الأخفش الصغير، وهو علي بن سليمان. ﴿فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ : أي وجب تعذيب الأمم المكذبة وإهلاكهم، وفي ذلك تسلية للرسول صلى الله عليه وسلّم، وتهديد لقريش ومن كذب الرسول.
قوله عز وجل :﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الاوَّلِا بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا الانسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِا نَفْسُهُا وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّا ذَالِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِى الصُّورِا ذَالِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآا ِقٌ وَشَهِيدٌ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١١٨