يريد: أستغفر الله لذنْب، كما قال جل ثناؤه:( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) [سورة غافر: ٥٥].
ومنه قول نابغة بني ذُبْيان:
فَيَصِيدُنَا العَيْرَ المُدِلَّ بِحُضْرِهِ... قَبْلَ الوَنَى وَالأَشْعَبَ النَبَّاحَا (١)
يريد: فيصيدُ لنا. وذلك كثير في أشعارهم وكلامهم، وفيما ذكرنا منه كفاية.
* * *
القول في تأويل قوله :﴿ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾.
قال أبو جعفر: أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعًا على أن "الصراط المستقيم"، هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب، فمن ذلك قول جرير بن عطية الخَطَفي:
أميرُ المؤمنين عَلَى صِرَاطٍ... إذا اعوَجَّ المَوَارِدُ مُسْتَقيمِ (٢)
يريد على طريق الحق. ومنه قول الهُذلي أبي ذُؤَيْب:
صَبَحْنَا أَرْضَهُمْ بالخَيْلِ حَتّى... تركْنَاها أَدَقَّ مِنَ الصِّرَاطِ (٣)

(١) البيت ليس في ديوانه. ومن القصيدة أبيات فيه : ٢٣، (مطبوعة محمد جمال)، والمجتنى لابن دريد : ٢٣، يصف فرسًا. والعير : حمار الوحش. والحضر : العدو الشديد، وحمار الوحش شديد العدو. والونى : التعب والفترة في العدو أو العمل. والأشعب : الظبي تفرق قرناه فانشعبا وتباينا بينونة شديدة. ونبح الكلب والظبي والتيس ينبح نباحًا، فهو نباح، إذا كثر صياحه، من المرح والنشاط. والظبي إذا أسن ونبتت لقرونه شعب، نبح (الحيوان ١ : ٣٤٩). يصف فرسه بشدة العدو، يلحق العير المدل بحضره، والظبي المستحكم السريع، فيصيدها قبل أن يناله تعب.
(٢) ديوانه : ٥٠٧، يمدح هشام بن عبد الملك. والموارد جمع موردة : وهي الطرق إلى الماء. يريد الطرق التي يسلكها الناس إلى أغراضهم وحاجاتهم، كما يسلكون الموارد إلى الماء.
(٣) ليس في ديوانه، ونسبه القرطبي في تفسيره ١ : ١٢٨ لعامر بن الطفيل، وليس في ديوانه، فإن يكن هذليا، فلعله من شعر المتنخل، وله قصيدة في ديوان الهذليين ٢ : ١٨ - ٢٨، على هذه القافية. ولعمرو بن معد يكرب أبيات مثلها رواها القالي في النوادر ٣ : ١٩١.


الصفحة التالية
Icon