يريد : كأنك من جمال بني أقيش، جملٌ يُقعقع خلف رجليه بشنّ، فاكتفى بما ظهر من ذكر "الجمال" الدال على المحذوف، من إظهار ما حذف. وكما قال الفرزدق بن غالب:
تَرَى أَرْباقَهُمْ مُتَقَلِّدِيها... إِذا صَدِئَ الحديدُ عَلَى الكُمَاةِ (١)
يريد: متقلديها هم، فحذف "هم "، إذ كان الظاهرُ من قوله أرباقَهُم، دالا عليها.
والشواهد على ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تحصى. فكذلك ذلك في قوله :"صراط الذين أنعمت عليهم".
* * *
القول في تأويل قوله :﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾.
قال أبو جعفر: والقرَأةُ مجمعةٌ على قراءة " غير " بجر الراء منها (٢). والخفضُ يأتيها من وجهين:
أحدهما: أن يكون "غير" صفة لِ"الذين" ونعتًا لهم فتخفضها. إذ كان " الذين " خفضًا، وهي لهم نعتٌ وصفةٌ. وإنما جاز أن يكون " غير " نعتًا لِـ " الذين "، و " الذين " معرفة و"غير" نكرة، لأن " الذين " بصلتها ليست بالمعرفة المؤقتة كالأسماء
(٢) في المطبوعة "والقراء مجمعة"، والقَرَأَة : جمع قارئ. انظر ما مضى : ٥١ في التعليق، و ٦٤ تعليق : ٤ و : ١٠٩ تعليق : ١.