القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
قال أبو جعفر: والأليم: هو المُوجعُ. ومعناه: ولهم عذاب مؤلم. بصرفِ"مؤلم" إلى"أليم" (١)، كما يقال: ضَرْبٌ وجيعُ بمعنى مُوجع، والله بَديع السموات والأرض، بمعنى مُبْدِع. ومنه قول عمرو بن معد يكرب الزبيدي:
أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعي السَّمِيعُ... يُؤَرِّقنُي وأَصْحَابِي هُجُوعُ (٢)
بمعنى المُسْمِع. ومنه قول ذي الرمة:
وَتَرْفَعُ مِنْ صُدُورِ شَمَرْدَلاتٍ... يَصُدُّ وُجُوهَهَا وَهَجُ أَلِيمُ (٣)
ويروى"يَصُكُّ"، وإنما الأليم صفةٌ للعذاب، كأنه قال: ولهم عذاب مؤلم. وهو مأخوذ من الألم، والألم: الوَجَعُ. كما-:
٣٣٤- حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: الأليم، المُوجع.
٣٣٥- حدثنا يعقوب، قال: حدثنا هُشيم، قال: أخبرنا جُوَيْبر، عن الضحاك قال: الأليمُ، الموجع (٤).
(٢) الأصمعيات : ٤٣، ويأتي في تفسير آية سورة يونس : ١ (١١ : ٥٨ بولاق). وريحانة : هي بنت معديكرب، أخت عمرو بن معديكرب، وهي أم دريد بن الصمة، وكان أبوه الصمة، سباها وتزوجها. (الأغاني ١٠ : ٤).
(٣) ديوانه : ٥٩٢. وقوله"ونرفع من صدور.. " أي نستحثها في السير، والإبل إذا أسرعت رفعت من صدورها. وشمردلات جمع شمردلة : وهي الناقة الحسنة الجميلة الخلق الفتية السريعة. وقوله"يصد وجوهها" أي يستقبل وجوهها ويضربها وهج أليم، فتصد وجوهها أي تلويها كالمعرضة عن لذعته. ورواية ديوانه :"يصك"، وصكة صكة : ضربة ضربة شديدة. والوهج : حرارة الشمس، أو حرارة النار من بعيد.
(٤) الأثر ٣٣٥- يعقوب : هو ابن إبراهيم الدورقي الحافظ. هشيم - بضم الهاء : هو ابن بشير، بفتح الباء وكسر الشين المعجمة، بن القاسم، أبو معاوية الواسطي، إمام حافظ كبير، روى عنه الأئمة : أحمد وابن المديني وغيرهما، وقال عبد الرحمن بن مهدي :"كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري". ومعنى هذا الأثر مضمن في الذي بعده : ٣٣٦.