القول في معنى ﴿ إِبْلِيسَ ﴾
قال أبو جعفر: وإبليس"إفعِيل"، من الإبلاس، وهو الإياس من الخير والندمُ والحزن. كما:-
٧٠٣ - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: إبليس، أبلسه الله من الخير كله، وجعله شيطانًا رجيمًا عقوبة لمعصيته (١).
٧٠٤ - وحدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ، قال: كان اسم إبليس"الحارث"، وإنما سمي إبليس حين أبلس متحيِّرًا (٢).
قال أبو جعفر: وكما قال الله جل ثناؤه:( فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ) [سورة الأنعام: ٤٤]، يعني به: أنهم آيسون من الخير، نادمون حزنًا، كما قال العجَّاج:
يَا صَاحِ، هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسَا؟... قَالَ: نَعَمْ، أَعْرِفُهُ! وَأَبْلَسَا (٣)
(٢) الأثر : ٧٠٤- في الدر المنثور ١ : ٥٠، مقتصرًا على أوله إلى قوله :"الحارث". وجاء النص في المطبوعة هكذا :"وإنما سمى إبليس حين أبلس فغير كما قال الله جل ثناؤه... " أسقطوا ما أثبتناه من المخطوطة، لأنهم لم يحسنوا قراءة الكلمة الأخيرة، فبدلوها ووصلوا الكلام بعد الحذف، وهو تصرف معيب. وقوله :"متحيرًا" كتبت في المخطوطة ممجمجة هكذا"مجرا" غير معجمة. والإبلاس : الحيرة، فكذلك قرأتها.
(٣) ديوانه ١ : ٣١، والكامل ١ : ٣٥٢، واللسان :(بلس)، (كرس). المكرس : الذي صار فيه الكرس، وهو أبوال الإبل وأبعارها يتلبد بعضها على بعض في الدار. وأبلس الرجل : سكت غما وانكسر وتحير ولم ينطق.