قالوا: ولو كان [معنى"اليد"، النعمة، أو القوة، أو الملك، ما كان لخصوصِه] آدم بذلك وجه مفهوم، (١) إذ كان جميع خلقه مخلوقين بقدرته، ومشيئتُه في خلقه تعمةٌ، وهو لجميعهم مالك.
قالوا: وإذ كان تعالى ذكره قد خص آدم بذكره خلقَه إياه بيده دون غيره من عباده، كان معلومًا أنه إنما خصه بذلك لمعنى به فارق غيره من سائر الخلق.
قالوا: وإذا كان ذلك كذلك، بطل قول من قال: معنى"اليد" من الله، القوة والنعمة أو الملك، في هذا الموضع.
قالوا: وأحرى أن ذلك لو كان كما قال الزاعمون أن:"يد الله" في قوله:"وقالت اليهود يد الله مغلولة"، هي نعمته، لقيل:"بل يده مبسوطة"، ولم يقل:"بل يداه"، لأن نعمة الله لا تحصى كثرة. (٢) وبذلك جاء التنزيل، يقول الله تعالى:( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ) [سورة إبراهيم: ٣٤ وسورة النحل: ١٨]
قالوا: ولو كانت نعمتين، كانتا محصاتين.
قالوا: فإن ظن ظانٌّ أن النعمتين بمعنى النعم الكثيرة، فذلك منه خطأ، وذلك أنّ العرب قد تخرج الجميع بلفظ الواحد لأداء الواحد عن جميع جنسه، وذلك كقول الله تعالى ذكره:( وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) [سورة العصر: ١، ٢] وكقوله( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ )، [سورة الحجر: ٢٦] وقوله:( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ) [سورة الفرقان: ٥٥]، قال: فلم يُرَدْ بـ"الإنسان" و"الكافر" في هذه الأماكن إنسان بعينه، ولا كافر مشار إليه حاضر، بل عني به جميع الإنس وجميع الكفار، ولكن الواحد أدَّى عن جنسه، كما تقول العرب:
(٢) في المطبوعة: "لا تحصى بكثرة"، وأثبت ما في المخطوطة.