و"فيض العين من الدمع"، امتلاؤها منه، ثم سيلانه منها، كفيض النهر من الماء، وفيض الإناء، وذلك سيلانه عن شدة امتلائه، ومنه قول الأعشى:
ففَاضَتْ دُمُوعِي، فَظَلَّ الشُّئُونُ:... إمَّا وَكِيفًا، وَإِمَّا انْحِدَارَا (١)
وقوله:"مما عرفوا من الحق"، يقول: فيض دموعهم، لمعرفتهم بأنّ الذي يتلى عليهم من كتاب الله الذي أنزله إلى رسول الله حقٌّ، كما:-
١٢٣٢٥ - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا أسباط بن نصر الهمداني، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السديّ قال: بعث النجاشي إلى النبيّ ﷺ اثنى عشر رجلا يسألونه ويأتونه بخبره، فقرأ عليهم رسول الله ﷺ القرآن، فبكوا. وكان منهم سبعة رهبانٍ وخمسة
(١) ديوانه: ٣٥. من قصيدته في قيس بن معد يكرب الكندي، وقبل البيت، وهو أولها:
وكان البيت في المخطوطة والمطبوعة: "ففاضت دموعي فطل الشئون داما حدارًا"، وهو خطأ محض."والشئون" جمع"شأن"، وهو مجرى الدمع إلى العين، وهي عروقها. ورواية الديوان: "كفيض الغروب"، و"الغروب" جمع"غرب" (بفتح فسكون)، وهو الدلو الكبير الذي يستقى به على السانية. وقوله: "فظل" بالظاء المعجمة، لا بالطاء. وقد أفسد وأخطأ من جعله بالطاء المهملة، وشرحه على ذلك. وهو غث جدًا. و"الوكيف": أن يسيل الدمع قليلا قليلا، إنما يقطر قطرًا."وكف الدمع يكف وكفًا ووكيفًا". وأما "انحدار الدمع"، فهو سيلانه متتابعا، كما ينصب الماء من حدور.
أَأَزْمَعْتَ مِنْ آلِ لَيْلَى ابْتِكَارَا | وَشَطَّتْ عَلَى ذِي هَوًى أن تُزَارَا |
وَبَانَتْ بِهَا غَرَبَاتُ النَّوَى | وَبُدِّلْتُ شَوْقًا بِهَا وَادِّكَارَا |
كَمَا أَسْلَمَ السِّلْكُ مِنْ نَظْمِهِ | لآلِئَ مُنْحَدِرَاتٍ صِغَارَا |