القول في تأويل قوله :﴿ وَلَوْ نزلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا إخبار من الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، عن هؤلاء القوم الذين يعدلون بربهم الأوثانَ والآلهة والأصنام. يقول تعالى ذكره: وكيف يتفقهون الآيات، أم كيف يستدِلُّون على بُطْلان ما هم عليه مُقِيمون من الكفر بالله وجحودِ نبوتك، بحجج الله وآياته وأدلته، وهم لعنادهم الحقَّ وبعدِهم من الرشد، لو أنزلت عليك، يا محمد، الوحيَ الذي أنزلته عليك مع رسولي، في قِرْطاس يعاينونه ويمسُّونه بأيديهم، (١) وينظرون إليه ويقرءونه منه، معلَّقًا بين السماء والأرض، بحقيقة ما تدعوهم إليه، وصحَّةِ ما تأتيهم به من توحيدي وتنزيلي، لقال الذين يعدلُون بي غيري فيشركون في توحيدِي سواي:"إنْ هذا إلا سحرٌ مبينٌ"، أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر سحرتَ به أعيننا، ليست له حقيقة ولا صحة (٢) ="مبين"، يقول: مبين لمن تدبّره وتأمَّله أنه سحر لا حقيقة له. (٣)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٧٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره:"كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، قال: فمسوه ونظروا إليه، لم يصدِّقوا به.
(٢) انظر تفسير"السحر" فيما سلف ٢: ٤٣٦ - ٤٤٢.
(٣) انظر تفسير"مبين" فيما سلف ١٠ : ٥٧٥، تعليق: ٣، والمراجع هناك.