وأما تأويل قوله:"لا ريب فيه"، فإنه لا شك فيه، (١) يقول: في أنّ الله يجمعكم إلى يوم القيامة، فيحشركم إليه جميعًا، ثم يؤتى كلَّ عامل منكم أجرَ ما عمل من حسن أو سيئ.
* * *
القول في تأويل قوله :﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"الذين خسروا أنفسهم"، العادلين به الأوثانَ والأصنامَ. يقول تعالى ذكره: ليجمعن الله ="الذين خسروا أنفسهم"، يقول: الذين أهلكوا أنفسهم وغبنوها بادعائهم لله الندَّ والعَدِيل، فأوبقوها بإستيجابهم سَخَط الله وأليم عقابه في المعاد. (٢)
* * *
وأصل"الخسار"، الغُبْنُ. يقال منه": خسر الرجل في البيع"، إذا غبن، كما قال الأعشى:
لا يَأخُذُ الرِّشْوَةَ فِي حُكْمِهِ... وَلا يُبَالِي خَسَرَ الخَاسِر (٣)
(٢) في المطبوعة والمخطوطة "بإيجابهم سخط الله" وهو لا يستقيم صوابه ما أثبت.
(٣) ديوانه: ١٠٥، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٨٧. وهكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة"خسر الخاسر"، ورواية ديوانه وغيره: "غَبَنَ الْخَاسِر" بتحريك الباء بالفتح. والذي نص عليه أصحاب اللغة أن"الغبن" بفتح وسكون، في البيع، وأن"الغبن" (بفتحتين) في الرأي، وهو ضعفه. فكأن ما جاء في رواية ديوان الأعشى، ضرورة، حركت الباء وهي ساكنة إلى الفتح. وأما رواية أبي جعفر، فهي على الصواب يقال: "خسر خسرًا (بفتح فسكون)، وخسرًا (بفتحتين)."
وهذا البيت من قصيدته في هجاء علقمة بن علاثة ومدح عامر بن الطفيل، ذكرت خبرها في أبيات سلفت منها ١: ٤٧٤/٢ : ١٣١/٥ : ٤٧٧، ٤٧٨. وقبل البيت:
حَكَّمْتُمُونِي، فَقَضَى بَيْنَكُمْ | أَبْلَجُ مِثْلُ القَمَرِ البَاهِرِ |