القول في تأويل قوله :﴿ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: آتينا موسى الكتاب تمامًا وتفصيلا لكل شيء =(وهدى)، يعني بقوله"وهدى"، تقويمًا لهم على الطريق المستقيم، وبيانًا لهم سُبُل الرشاد لئلا يضلوا =(ورحمة)، يقول: ورحمة منا بهم ورأفة، لننجيهم من الضلالة وَعمى الحيرة. (١)
وأما قوله:(لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون)، فإنه يعني: إيتائي موسى الكتاب تمامًا لكرامة الله موسى، على إحسان موسى، وتفصيلا لشرائع دينه، وهدًى لمن اتبعه، ورحمة لمن كان منهم ضالا لينجيه الله به من الضلالة، وليؤمن بلقاء ربه إذا سمع مواعظ الله التي وعظ بها خلقه فيه، فيرتدع عما هو عليه مقيمٌ من الكفر به، وبلقائه بعد مماته، فيطيع ربه، ويصدِّق بما جاءه به نبيه موسى ﷺ.
* * *
القول في تأويل قوله :﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:(وهذا كتاب أنزلناه مبارك)، وهذا القرآن الذي أنزلناه إلى نبينا محمد ﷺ ="كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه"، (٢) يقول: فاجعلوه إمامًا تتّبعونه وتعملون بما فيه، أيها الناس (٣) =(واتقوا)،
(٢) انظر تفسير (( مبارك )) فيما سلف ٧ : ٢٥ /١١ : ٥٣٠.
(٣) انظر تفسير (( الاتباع )) فيما سلف من فهارس اللغة ( تبع ).