قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله عدوّ الله ليس لما سأله عنه بجواب. وذلك أن الله تعالى ذكره قال له: ما منعك من السجود؟ فلم يجب بأن الذي منعه من السجود أنه خُلِقَ من نار وخلق آدم من طين، (١) ولكنه ابتدأ خبرًا عن نفسه، فيه دليل على موضع الجواب فقال:(أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)
* * *
القول في تأويل قوله :﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: قال الله لإبليس عند ذلك:(فاهبط منها).
وقد بيَّنا معنى"الهبوط" فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (٢)
* * *
=(فما يكون لك أن تتكبر فيها)، يقول تعالى ذكره: فقال الله له:"اهبط منها"، يعني: من الجنة ="فما يكون لك"، يقول: فليس لك أن تستكبر في الجنة عن طاعتي وأمري.
* * *
فإن قال قائل: هل لأحد أن يتكبر في الجنة؟ قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبتَ، وإنما معنى ذلك: فاهبط من الجنة، فإنه لا يسكن الجنة متكبر عن أمر الله، فأما غيرها، فإنه قد يسكنها المستكبر عن أمر الله، والمستكين لطاعته.
* * *
(٢) انظر تفسير (( الهبوط )) فيما سلف ١ : ٥٣٤، ٥٤٨ /٢ : ١٣٢، ٢٣٩.