وينهى عن الشرك به واتباع أمر الشيطان، مؤكدًا في كل ذلك ما قد أجمله في قوله:(يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا ولباسَ التقوى ذلك خير).
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله:"ولباس التقوى"، استشعار النفوس تقوى الله، في الانتهاء عما نهى الله عنه من معاصيه، والعمل بما أمر به من طاعته، وذلك يجمع الإيمان، والعمل الصالح، والحياء، وخشية الله، والسمتَ الحسن، لأن مَنْ اتقى الله كان به مؤمنًا، وبما أمره به عاملا ومنه خائفًا، وله مراقبًا، ومن أن يُرَى عند ما يكرهه من عباده مستحييًا. ومَنْ كان كذلك ظهرت آثار الخير فيه، فحسن سَمْته وهَدْيه، ورُئِيَتْ عليه بهجة الإيمان ونوره.
وإنما قلنا: عنى بـ"لباس التقوى"، استشعارَ النفس والقلب ذلك = لأن"اللباس"، إنما هو ادِّراع ما يلبس، واجتياب ما يكتسى، (١) أو تغطية بدنه أو بعضه به. فكل من ادَّرع شيئًا واجتابهُ حتى يُرَى عَيْنه أو أثرُه عليه، (٢) فهو له"لابس". ولذلك جعل جل ثناؤه الرجال للنساء لباسًا، وهن لهم لباسًا،
فَبِتِلْكَ إذْ رَقَصَ اللَّوَامِعُ بِالضُّحَى | وَاجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرَابِ إكَامُها |
أَقْضِي اللُّبَانَةَ لا أُفَرِّطُ رِيبَةً | أَوْ أَنْ يَلُومَ بِحَاجَةٍ لَوَّامُها |