١٥٠٩٠ - حدثنا الحرث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد:(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه)، فإنه أكبر منك وأشد خلقا =(فلما تجلى ربه للجبل)، فنظر إلى الجبل لا يتمالك، وأقبل الجبل يندك على أوله (١). فلما رأى موسى ما يصنع الجبل، خر صعقًا.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله:(دكًّا). فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة:( دكًّا)، مقصورًا بالتنوين بمعنى: "دكّ الله الجبل دكًّا" أي: فتته، واعتبارًا بقول الله:(كَلا إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا)، [سورة الفجر: ٢١] وقوله:( وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً )، [سورة الحاقة: ١٤] واستشهد بعضهم على ذلك بقول حميد: (٢) يَدُكُّ أَرْكَانَ الجِبَال هَزَمُهْ تَخْطُرِ بِالبِيضِ الرِّقَاقِ بُهَمُهْ (٣)
* * *
وقرأته عامة قرأة الكوفيين: "جَعَلَهُ دَكَّاءَ"، بالمد وترك الجر والتنوين، مثل
* * *

(١) ( ١) هكذا في المطبوعة : وفي المخطوطة :(( على أدله )) أيضاً، ولكن بشدة على اللام، فكأنها تقرأ :(( على أذله ))، وهي أوضح معنى من التي في المطبوعة. يعني أنه ذل أشد ذل فاندك.
(٢) حميد، هو حميد الأرقط.
(٣) لم أجد البيتين في مكان، وفي تاريخ الطبري ٧ : ٤١، أبيات من رجز، كأن الذي هنا من تمامها. وكان في المطبوعة هنا :(( هدمه ))، والصواب ما أثبت، والمخطوطة غير منقوطة، وكأنها هناك راء مهملة لا دال. و (( الهزم )) ( بفتحتين ) و (( الهزيم )) هو صوت الرعد الذي يشبه التكسر، ومثله قول رؤبة في صفة جيش لجب :* يُرْجِفُ أَنْضَادَ الجِبَالِ هَزَمَهُ *
و (( تخطر )) أي تمشى متمايلة، تهز سيوفها معجبة مدلة بقوتها وبأسها و (( البهم )) جمع (( بهمة )) ( بضم فسكون ) : وهو الفارس الشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى له، ولا من أين يدخل عليه مقاتله، من شدة بأسه ويقظته. و (( البيض الرقاق )) : السيوف الرقيقة من حسن صقلها.


الصفحة التالية
Icon