(١) = من قول الله تعالى:( وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ )، [سورة آل عمران: ١٧٩] يعني: يختار ويصطفي. وقد بينا ذلك في مواضعه بشواهده. (٢)
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معناه: هلا افتعلتها من قِبَل نفسك واختلقتها؟ بمعنى: هلا اجتبيتها اختلاقًا؟ كما تقول العرب: "لقد اختار فلان هذا الأمر وتخيره اختلاقًا". (٣)
* ذكر من قال ذلك:
١٥٥٧١ - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا أجتبيتها)، أي: لولا أتيتنا بها من قِبَل نفسك؟ هذا قول كفار قريش.
١٥٥٧٢ - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قوله:(وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها) قالوا: لولا اقتضبتها! (٤) قالوا: تخرجها من نفسك.
١٥٥٧٣ - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله:(وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها) قالوا: لولا تقوَّلتها، جئتَ بها من عندك؟.
١٥٥٧٤ - حدثني المثنى قال: حدثني عبد الله قال: حدثني معاوية، عن
(٢) انظر تفسير (( اجتبى )) فيما سلف ٧ : ٤٣٧ / ١١ : ٥١٢، ٥١٣.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١ : ٤٠٢، والتعليق عليه هناك. وهذا معنى غريب جداً في (( اختار ))، أنا في ريب منه، إلا أن يكون أراد أن العرب تقول في مجازها (( اختار الشيء اختلاقاً، كل ذلك بمعنى : اختلقه، لا أن (( اختار )) بمعنى اختلق. وإن كان صاحب اللسان قد اتبع قول الفراء الآتى بعد ص ٣٤٣ (( وهو في كلام العرب جائز أن يقول :(( لقد اختار لك الشيء واجتباه و ارتجله )).
(٤) (( اقتضب الكلام اقتضاباً ))، ارتجله من غير تهيئة أو إعداد له. يقال :(( هذا شعر مقتضب، وكتاب مقتضب )).