له، وتحريضًا لمن معه من جيشه على ما فيه صلاحهم وصلاح المسلمين، أو صلاح أحد الفريقين. وقد يدخل في ذلك ما قال ابن عباس من أنه الفرس والدرع ونحو ذلك، ويدخل فيه ما قاله عطاء من أن ذلك ما عاد من المشركين إلى المسلمين من عبد أو فرس، لأن ذلك أمره إلى الإمام، إذا لم يكن ما وصلوا إليه بغلبة وقهر، (١) يفعل ما فيه صلاح أهل الإسلام، وقد يدخل فيه ما غلب عليه الجيش بقَهر.
* * *
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصواب، لأن "النفل" في كلام العرب، إنما هو الزيادة على الشيء، يقال منه: "نفَّلتك كذا"، و"أنفلتك"، إذا زدتك.
و"الأنفال"، جمع "نَفَل"، ومنه قول لبيد بن ربيعة:
إِنَّ تَقْوَى رَبِّنا خَيْرُ نَفَلْ وَبِإِذْنِ اللهِ رَيْثِي وَعَجَلْ (٢)
فإذ كان معناه ما ذكرنا، فكل من زيد من مقاتلة الجيش على سهمه من الغنيمة= إن كان ذلك لبلاء أبلاه، أو لغناء كان منه عن المسلمين= بتنفيل الوالي ذلك إيّاه، فيصير حكم ذلك له كالسلب الذي يسلبه القاتل، فهو منفل ما زيد من ذلك، لأن الزيادة نَفَلٌ، [والنَّفَل]، وإن كان مستوجِبَهُ في بعض الأحوال لحق، ليس هو من الغنيمة التي تقع فيها القسمة. (٣) وكذلك كل ما رُضِخ لمن لا سهم له في الغنيمة، فهو "نفل"، (٤) لأنه وإن كان مغلوبًا عليه، فليس مما وقعت عليه القسمة.
(٢) ديوانه ٢ : ١١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١ : ٢٤٠، اللسان ( نفل )، وغيرها كثير، فاتحة قصيدة له طويلة.
(٣) كانت هذه الجملة في المطبوعة هكذا :" لأن الزيادة وإن كانت مستوجبة في بعض الأحوال بحق، فليست من الغنيمة التي تقع فيها القسمة "، غير ما كان في المخطوطة كل التغيير، والجملة في المخطوطة كما أثبتها، إلا أن صدرها كان هكذا :" لأن الزيادة أفضل وإن كان مستوجبة " غير منقوطة، سيئة الكتابة، وظاهر أن صوابها ما أثبت، مع زيادة ما زدت بين القوسين.
(٤) " رضخ له من المال "، أعطاه عطية مقاربة، أي قليلة.