بكثرة العدد وشدة البطش، وأنه ينصر القليلَ على الكثير إذا شاء، ويخلِّي الكثيرَ والقليلَ، فَيهْزِم الكثيرُ. (١)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٧٤- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:(لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين)، حتى بلغ:(وذلك جزاء الكافرين)، قال: "حنين"، ماء بين مكة والطائف، قاتل عليها نبيُّ الله هوازن وثقيفَ، وعلى هوازن: مالك بن عوف أخو بني نصر، وعلى ثقيف: عبد يا ليل بن عمرو الثقفيّ. قال: وذُكر لنا أنه خرج يومئذ مع رسول الله ﷺ اثنا عشر ألفًا: عشرة آلافٍ من المهاجرين والأنصار، وألفان من الطُّلقَاء، وذكر لنا أنَّ رجلا قال يومئذٍ: "لن نغلب اليوم بكَثْرة" ! قال: وذكر لنا أن الطُّلقَاء انجفَلوا يومئذ بالناس، (٢) وجلَوْا عن نبي الله ﷺ حتى نزل عن بغلته الشهباء. وذكر لنا أن نبيَّ الله قال: "أي رب، آتني ما وعدتني" ! قال: والعباسُ آخذ بلجام بغلةِ رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ناد يا معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين!"، فجعل ينادي الأنصار فَخِذًا فخِذًا، ثم قال: "نادِ بأصحاب سورة البقرة !". (٣) قال: فجاء الناس عُنُقًا واحدًا. (٤) فالتفت نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، وإذا عصابة من الأنصار، فقال: هل معكم غيركم؟ فقالوا: يا نبي الله، والله لو عمدت إلى بَرْك الغِمادِ من ذي يَمَنٍ
(٢) " انجفل القوم عن رئيسهم "، ذعروا، فانقلعوا من حوله، ففروا مسرعين.
(٣) في المطبوعة :" ثم نادى بأصحاب سورة البقرة "، غير ما في المخطوطة عبثا.
(٤) قوله :" عنقا واحدا "، أي : جملة واحدة. ويقال :" جاء القوم عنقا عنقا "، أي : طائفة طائفة. ويقال :" هم عليه عنق "، أي : هم عليه إلب واحد.