القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله (١) = وقد قيل: على أبي بكر =(وأيده بجنود لم تروها)، يقول: وقوّاه بجنودٍ من عنده من الملائكة، لم تروها أنتم (٢) =(وجعل كلمة الذين كفروا)، وهي كلمة الشرك =(السُّفْلى)، لأنها قُهِرَت وأذِلَّت، وأبطلها الله تعالى، ومحق أهلها، وكل مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب، والغالب هو الأعلى =(وكلمة الله هي العليا)، يقول: ودين الله وتوحيده وقولُ لا إله إلا الله، وهي كلمتُه =(العليا)، على الشرك وأهله، الغالبةُ، (٣) كما:-
١٦٧٣٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:(وجعل كلمة الذين كفروا السفلى)، وهي: الشرك بالله =(وكلمة الله هي العليا)، وهي: لا إله إلا الله.
* * *
وقوله:(وكلمة الله هي العليا)، خبر مبتدأ، غيرُ مردودٍ على قوله:(وجعل كلمة الذين كفروا السفلى)، لأن ذلك لو كان معطوفًا على "الكلمة" الأولى، لكان نصبًا. (٤)
* * *

(١) انظر تفسير "السكينة" فيما سلف ص : ١٨٩، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " التأييد " فيما سلف ص : ٤٤، تعليق : ٣، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير "الأعلى" فيما سلف ٧ : ٢٣٤.
(٤) انظر تفصيل ذلك في معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٨، وهو فصل جيد واضح.


الصفحة التالية
Icon