وأما أصل "الخلال"، فهو من "الخَلَل"، وهي الفُرَج تكون بين القوم، في الصفوف وغيرها. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تَرَاصُّوا فِي الصُّفُوفِ لا يَتَخَلَّلكُمْ [الشَّيَاطين، كأنها] أَوْلادُ الحذَفِ". (١)
* * *
وأما قوله:(يبغونكم الفتنة)، فإن معنى: "يبغونكم الفتنة"، يطلبون لكم ما تفتنون به، عن مخرجكم في مغزاكم، بتثبيطهم إياكم عنه. (٢)
* * *
يقال منه: "بغيتُه الشر"، و"بغيتُه الخير" "أبغيه بُغاء"، إذا التمسته له، بمعنى: "بغيت له"، وكذلك "عكمتك" و"حلبتك"، بمعنى: "حلبت لك"، و"عكمت لك"، (٣) وإذا أرادوا: أعنتك على التماسه وطلبه، قالوا: "أبْغَيتُك كذا"، و"أحلبتك"، و"أعكمتك"، أي: أعنتك عليه. (٤)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٧١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن

(١) لم يذكر إسناده، وهو حديث مشهور، رواه أبو داود في سننه ١ : ٢٥٢، رقم : ٦٦٧، بغير هذا اللفظ، والنسائي في السنن ٢ : ٩٢. والذي وضعته بين القوسين فيما رواه صاحب اللسان، لأنه في السنن :" كأنها الحذف "، وفي اللسان أيضًا " كأنها بنات حذف ". أما المطبوعة فقد ضم الكلام بعضه إلى بعض، مع أنه كان في المخطوطة، بياض بين "لا يتخللكم"، وبين "أولاد الحذف"، وفي الهامش حرف ( ط ) دلالة على الخطأ.
و " الحذف " ضأن سود جرد صغار، ليس لها آذان ولا أذناب، يجاء بها إلى الحجاز من جرش اليمن، واحدتها " حذفة " (بفتحتين)، شبه الشياطين بها.
(٢) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف ص : ٨٦، تعليق : ١، والمراجع هناك.
(٣) "عكمه" و "عكم له"، هو أن يسوي له الأعدال على الدابة ويشدها.
(٤) انظر تفسير "بغى" فيما سلف ١٣ : ٨٤، تعليق : ١، والمراجع هناك.
ثم انظر مثل هذا التفصيل فيما سلف ٧ : ٥٣.


الصفحة التالية
Icon