١٧٠٠٤- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:(الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم)، وذلك أن رسول الله ﷺ خرج إلى الناس يومًا فنادى فيهم: أن أجمعوا صدقاتكم! فجمع الناس صدقاتهم. ثم جاء رجل من آخرهم بِمَنٍّ من تمر، (١) فقال: يا رسول الله، هذا صاع من تمرٍ، بِتُّ ليلتي أجرُّ بالجرير الماءَ، (٢) حتى نلت صاعين من تمرٍ، فأمسكت أحدَهما، وأتيتك بالآخر. فأمره رسول الله ﷺ أن ينثره في الصدقات. فسخر منه رجال وقالوا: والله إن الله ورسوله لغنيَّان عن هذا! وما يصنعان بصاعك من شيء" ! ثم إن عبد الرحمن بن عوف، رجل من قريش من بني زهرة، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بقي من أحد من أهل هذه الصدقات؟ فقال: لا! فقال عبد الرحمن بن عوف: إن عندي مئة أوقية من ذهب في الصدقات. فقال له عمر بن الخطاب: أمجنون أنت؟ فقال: ليس بي جنون! فقال: فعلِّمنا ما قلت؟ (٣) قال: نعم! مالي ثمانية آلاف، أما أربعة آلافٍ فأقرضها ربيّ، وأما أربعة آلاف فلي! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت ! وكره المنافقون فقالوا: "والله ما أعطى عبد الرحمن عطيَّته إلا رياءً "! وهم كاذبون، إنما كان به متطوِّعًا. فأنزل الله عذرَه وعذرَ صاحبه المسكين الذي جاء بالصاع من التمر، فقال الله في كتابه:(الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات)، الآية.
(٢) "الجرير"، الحبل، وأراد أنه أنه كان يسقي الماء بالحبل.
(٣) في المطبوعة: "أتعلم ما قلت"، وفي المخطوطة: "أفعلمنا ما قلت"، وهذا صواب قراءتها.