وقال آخرون: إنما هذا تكذيب من الله لمنافقين أزرَوْا بأعراب المسلمين وغيرهم، (١) في تخلُّفهم خِلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم ممن قد عذره الله بالتخلف.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٤٧٦- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن سليمان الأحول، عن عكرمة قال: لما نزلت هذه الآية:( مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ )، إلى:( إن الله لا يضيع أجر المحسنين )، قال ناس من المنافقين: هلك من تخلف! فنزلت:(وما كان المؤمنون لينفروا كافة)، إلى:(لعلهم يحذرون)، ونزلت:( وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ )، الآية [سورة الشورى: ١٦].
١٧٤٧٧- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة قال، حدثنا سليمان الأحول، عن عكرمة، قال: سمعته يقول: لما نزلت:( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) [سورة التوبة: ٣٩]، و( مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ )، إلى قوله:( ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون )، قال المنافقون: هلك أصحاب البدو الذين تخلفوا عن محمد ولم ينفروا معه! وقد كان ناس من أصحاب رسول الله ﷺ خرجوا إلى البدو، إلى قومهم يفقهونهم، فأنزل الله:(وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة)، إلى قوله:(لعلهم يحذرون)، ونزلت:( وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ )، الآية.
* * *
واختلف الذين قالوا: "عُنى بذلك النهيُ عن نَفْر الجميع في السرية، وترك