وقوله:(حتى يثخن في الأرض)، يقول: حتى يبالغ في قتل المشركين فيها، ويقهرهم غلبة وقسرًا.
* * *
يقال منه: "أثخن فلان في هذا الأمر"، إذا بالغ فيه. وحكي: "أثخنته معرفةً"، بمعنى: قتلته معرفةً.
* * *
=(تريدون)، يقول للمؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:(تريدون)، أيها المؤمنون،(عرض الدنيا)، بأسركم المشركين =وهو ما عَرَض للمرء منها من مال ومتاع. (١) يقول: تريدون بأخذكم الفداء من المشركين متاع الدنيا وطُعْمها =(والله يريد الآخرة)، يقول: والله يريد لكم زينة الآخرة وما أعدّ للمؤمنين وأهل ولايته في جناته، بقتلكم إياهم وإثخانكم في الأرض. يقول لهم: فاطلبوا ما يريد الله لكم وله اعملوا، (٢) لا ما تدعوكم إليه أهواء أنفسكم من الرغبة في الدنيا وأسبابها =(والله عزيز)، يقول: إن أنتم أردتم الآخرة، لم يغلبكم عدوّ لكم، لأن الله عزيز لا يقهر ولا يغلب = وأنه(حكيم) (٣) في تدبيره أمرَ خلقه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٢٨٦- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:(ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض)، وذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم، أنزل الله تبارك وتعالى بعد هذا في الأسارى:( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً )، [سورة محمد: ٤]، فجعل الله النبيَّ والمؤمنين في أمر الأسارى بالخيار، إن
(٢) في المطبوعة والمخطوطة :" واطلبوا "، والسياق للفاء لا للواو.
(٣) انظر تفسير " عزيز " و " حكيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( عزز )، ( حكم ).