قال: وقد يكون أن تريد أن بـ "فرعون" آل فرعون، وتحذف "الآل"، (١) فيجوز، كما قال:( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ )، [سورة يونس: ٨٢]، يريد أهل القرية، والله أعلم. قال: ومثله قوله:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )، [سورة الطلاق: ١]. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: "الهاء والميم" عائدتان على "الذرية". ووجَّه معنى الكلام إلى أنه : على خوف من فرعون، وملأ الذرية = لأنه كان في ذرية القرن الذين أرسل إليهم موسى من كان أبوه قبطيًا وأمه إسرائيلية. فمن كان كذلك منهم، كان مع فرعون على موسى.
* * *
وقوله:(أن يفتنهم)، يقول: كان إيمان من آمن من ذرية قوم موسى على خوف من فرعون = "أن يفتنهم" بالعذاب، فيصدّهم عن دينهم، ويحملهم على الرجوع عن إيمانهم والكفر بالله. (٣)
وقال:(أن يفتنهم)، فوحَّد ولم يقل: "أن يفتنوهم"، لدليل الخبر عن فرعون بذلك : أن قومه كانوا على مثل ما كان عليه، لما قد تقدم من قوله:(على خوف من فرعون وملئهم).
* * *
وقوله:(وإن فرعون لعال في الأرض)، يقول تعالى ذكره: وإن فرعون لجبّارٌ مستكبر على الله في أرضه = "وإنه لمن المسرفين"، وإنه لمن المتجاوزين الحقّ إلى الباطل، (٤) وذلك كفره بالله وتركه الإيمان به، وجحودُه وحدانية الله، وادّعاؤه لنفسه الألوهة، وسفكه الدماء بغير حِلِّها.
* * *

(١) في المطبوعة، " وبحذف "، وفي المخطوطة :" فتحذف آل فرعون "، وهو خطأ، صوابه من معاني القرآن.
(٢) هذا الذي مضى نص مقالة الفراء في معاني القرآن ١ : ٤٧٦، ٤٧٧.
(٣) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف من فهارس اللغة ( فتن ).
(٤) انظر تفسير " الإسراف " فيما سلف ص : ٣٧، تعليق : ٢، والمراجع هناك.


الصفحة التالية