قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما توهمت. (١)
وقد اختلف أهل العلم بالعربية في معنى هذه "اللام" التي في قوله:(ليضلوا).
فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: ربنا فَضَلوا عن سبيلك، كما قال:( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا )، [سورة القصص: ٨]، أي فكان لهم = وهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدوًا وحزنًا، وإنما التقطوه فكان لهم. قال: فهذه "اللام" تجيء في هذا المعنى. (٢)
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: هذه "اللام"، "لام كي" (٣) = ومعنى الكلام: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم، كي يضلوا = ثم دعا عليهم.
* * *
وقال آخر: هذه اللامات في قوله :(ليضلوا) و(ليكون لهم عدوًا)، وما أشبهها بتأويل الخفض: آتيتهم ما أتيتهم لضَلالهم = والتقطوه لكونه = لأنه قد آلت الحالة إلى ذلك. والعرب تجعل "لام كي"، في معنى "لام الخفض"، و"لام الخفض" في معنى "لام كي"، لتقارب المعنى، قال الله تعالى:( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ ) (٤) [سورة التوبة: ٩٥] أي لإعراضكم، ولم يحلفوا لإعراضهم، وقال الشاعر: (٥)
سَمَوْتَ وَلَمْ تَكُنْ أَهْلا لِتَسْمُو... وَلَكِنَّ المُضَيِّعَ قَدْ يُصَابُ
قال: وإنما يقال: "وما كنت أهلا للفعل"، ولا يقال "لتفعل" إلا قليلا. قال: وهذا منه.
* * *
(٢) أي معنى العاقبة والمآل.
(٣) هو الفراء في معاني القرآن ١ : ٤٧٧.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة :" يحلفون بالله " بغير السين، وهذا حق التلاوة.
(٥) لم أعرف قائله.