وكان بعض نحويي الكوفة يقول: هو دعاء، كأنه قال: اللهم فلا يؤمنوا. قال: وإن شئت جعلتها جوابًا لمسألته إياه، لأن المسألة خرجت على لفظ الأمر، فتجعل :(فلا يؤمنوا)، في موضع نصب على الجواب، وليس يسهل. قال: ويكون كقول الشاعر: (١)
يَا نَاقُ سِيرِي عَنَقًا فَسِيحَا... إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَريحَا (٢)
قال: وليس الجواب يسهلُ في الدعاء، لأنه ليس بشرط. (٣)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك، أنه في موضع جزم على الدعاء، بمعنى: فلا آمنوا = وإنما اخترت ذلك لأن ما قبله دعاءٌ، وذلك قوله:(ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم)، فإلحاق قوله:(فلا يؤمنوا)، إذ كان في سياق ذلك بمعناه أشبهُ وأولى.
* * *
وأما قوله:(حتى يروا العذاب الأليم)، فإنّ ابن عباس كان يقول: معناه: حتى يروا الغرق = وقد ذكرنا الرواية عنه بذلك من بعض وجوهها فيما مضى. (٤)
١٧٨٤٦- حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال ابن عباس:(فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم)، قال: الغرق.
* * *
(٢) سيبويه ١ : ٤٢١، معاني القرآن للفراء ١ : ٤٧٨، وغيرهما. وسيأتي في التفسير ١٣ : ١٥٩ ( بولاق ). من أرجوزة له في سليمان بن عبد الملك، لم أجدها مجموعة في مكان. و "العنق "، ضرب من السير. و" الفسيح " الواسع البليغ.
(٣) هذا الذي سلف نص كلام الفراء في معاني القرآن ١ : ٤٧٧، ٤٧٨.
(٤) انظر ما سلف رقم : ١٨٧٣٥، ١٨٧٣٦.