وأما قوله:(إلا امرأتك)، فإن عامَّة القراء من الحجاز والكوفة، وبعض أهل البصرة، قرأوا بالنصب(إلا امْرَأَتَكَ)، بتأويل: فأسر بأهلك إلا امرأتك، وعلى أن لوطًا أمر أن يسري بأهله سوى زوجته، فإنه نهي أن يسري بها، وأمر بتخليفها مع قومها.
* * *
وقرأ ذلك بعض البصريين:(إلا امْرَأَتُكَ)، رفعًا = بمعنى: ولا يلتفت منكم أحد، إلا امرأتك = فإن لوطًا قد أخرجها معه، وإنه نهي لوط ومن معه ممن أسرى معه أن يلتفت سوى زوجته، وأنها التفتت فهلكت لذلك.
* * *
وقوله:(إنه مصيبها ما أصابهم)، يقول: إنه مصيب امرأتك ما أصاب قومك من العذاب =(إن موعدهم الصبح)، يقول: إن موعد قومك الهلاك الصبح. فاستبطأ ذلك منهم لوط وقال لهم: بلى عجِّلوا لهم الهلاك ! فقالوا:(أليس الصبح بقريب) أي عند الصبح نزولُ العذاب بهم، كما:-
١٨٤٠٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:(أليس الصبح بقريب)، أي : إنما ينزل بهم من صبح ليلتك هذه، فامض لما تؤمر.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك :-
١٨٤٠٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: فمضت الرُّسُل من عند إبراهيم إلى لوط، فلما أتوا لوطًا، وكان من أمرهم ما ذكر الله، قال جبريل للوط: يا لوط، إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين، فقال لهم لوط: أهلكوهم الساعة ! فقال له جبريل عليه السلام:(إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) ؟ فأنزلت على لوط:(أليس الصبح بقريب)، قال: فأمره أن يسري بأهله بقطع من الليل، ولا يلتفت منهم أحد إلا


الصفحة التالية