فقال:"أخذن مني"، وقد ابتدأ الخبر عن"المرّ"، إذ كان الخبر عن"المرّ"، خبرًا عن"السنين"، وكما قال الآخر: (١)
إذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ قَامَ سَيِّدٌ... فَدَانَتْ لَهُ أهْلُ القُرَى والكَنائِسِ (٢)
فقال:"دانت له"، والخبر عن أهل القرى، لأن الخبر عنهم كالخبر عن القرى. ومن قال ذلك لم يقل:" فدانت له غلام هند"، لأن"الغلام" لو ألقي من الكلام لم تدلَّ"هند" عليه، كما يدل الخبر عن"القرية" على أهلها.
وذلك أنه لو قيل": فدانت له القرى"، كان معلومًا أنه خبر عن أهلها. وكذلك"بعض السيارة"، لو ألقي البعض، فقيل: تلتقطه السيارة، علم أنه خبر عن البعض أو الكل، ودلّ عليه الخبر عن"السيارة".
* * *
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (١١) ﴾
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قال إخوة يوسف، إذ تآمروا بينهم، وأجمعوا على الفرقة بينه وبين والده يعقوب، لوالدهم يعقوب:(يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف) فتتركه معنا إذا نحن خرجنا خارج المدينة إلى الصحراء=(وإنا له ناصحون)، نحوطه ونكلؤه (٣).
* * *

(١) لم أعرف قائله.
(٢) معاني القرآن للفراء في تفسير الآية.
(٣) انظر تفسير : نصح له" فيما سلف ص : ٣٠٥، تعليق : ٢


الصفحة التالية
Icon