وقوله:(ونفضّل بعضها على بعض في الأكل) (١) اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه عامة قرأة المكيين والمدنيين والبصريين وبعض الكوفيين:(وَنُفَضِّلُ)، بالنون بمعنى: ونفضّل نحن بعضها على بعض في الأكل.
* * *
وقرأته عامة قرأة الكوفيين:(وَيُفَضِّلُ) بالياء، ردا على قوله:(يغشي الليل النهار=) ويفضل بعضها على بعض.
* * *
قال أبو جعفر: وهما قراءتان مستفيضتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. غير أن"الياء" أعجبهما إليّ في القراءة؛ لأنه في سياق كلام ابتداؤه(الله الذي رفع السموات)، فقراءته بالياء، إذ كان كذلك أولى.
* * *
ومعنى الكلام: إن الجنات من الأعناب والزرع والنخيل الصنوان وغير الصنوان، تسقى بماء واحد عذب لا ملح، ويخالف الله بين طعوم ذلك، فيفضّل بعضها على بعض في الطعم، فهذا حلو وهذا حامضٌ.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٢٠١٢٢- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:(ونفضل بعضها على بعض في الأكل) قال: الفارسيّ والدَّقَل، (٢) والحلو والحامض.

(١) انظر تفسير" الأكل" فيما سلف ٥ : ٥٣٨ / ١٢ : ١٥٧.
(٢) " الفارسي"، من التمر، لم أجد من ذكره، وأنا أرجح أن يكون عنى به ﴿ البرني ﴾ وهو ضرب من التمر أصفر مدور، عذب الحلاوة، وهو أجوده. وقالوا إن لفظ" البرني" فارسي معرب ويرجع ذلك عندي أن الرواية ستأتي عن سعيد بن جبير أيضًا أنه قال :" برني"، رقم : ٢٠١٢٤.
و" الدقل" أردأ أنواع التمر.
وسيأتي ذكر" الفارسي" في الخبرين التاليين : ٢٠١٢٦، ٢٠١٢٧.


الصفحة التالية
Icon