القول في تأويل قوله تعالى :﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ (٢٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله يوسّع على من يَشاء من خلقه في رزقه، فيبسط له منه (١) لأن منهم من لا يُصْلحه إلا ذلك=(ويقدر)، يقول: ويقتِّر على من يشاء منهم في رزقه وعيشه، فيضيّقه عليه، لأنه لا يصلحه إلا الإقتار=(وفرحوا بالحياة الدنيا)، يقول تعالى ذكره: وفرح هؤلاء الذين بُسِط لهم في الدنيا من الرزق على كفرهم بالله ومعصيتهم إياه بما بسط لهم فيها، وجهلوا ما عند الله لأهل طاعته والإيمان به في الآخرة من الكرامة والنعيم.
ثم أخبر جلّ ثناؤه عن قدر ذلك في الدنيا فيما لأهل الإيمان به عنده في الآخرة وأعلم عباده قِلّته، فقال:(وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع)، يقول: وما جميع ما أعطى هؤلاء في الدنيا من السَّعة وبُسِط لهم فيها من الرزق ورغد العيش، فيما عند الله لأهل طاعته في الآخرة=(إلا متاع) قليل، وشيء حقير ذاهب. (٢) كما:-
٢٠٣٥٣- حدثنا الحسن بن محمد، قال، حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:(إلا متاع) قال: قليلٌ ذاهب.
٢٠٣٥٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد =
٢٠٣٥٥-... قال: وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع)، قال: قليلٌ ذاهب.

(١) انظر تفسير" البسط" فيما سلف ٥ : ٢٨٨ - ٢٩٠ / ١٠ : ٤٥٢.
(٢) انظر تفسير" المتاع" فيما سلف : ٤١٤، تعليق : ٢، والمراجع هناك.


الصفحة التالية
Icon