قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال ذَكر المَثَل، فقال(مثل الجنة)، والمراد الجنة، ثم وُصِفت الجنة بصفتها، وذلك أن مَثَلَها إنما هو صِفتَهُا وليست صفتها شيئًا غيرها. وإذْ كان ذلك كذلك، ثم ذكر"المثل"، فقيل:(مثل الجنة)، ومثلها صفَتُها وصفة الجنّة، فكان وصفها كوصف"المَثَل"، وكان كأنَّ الكلام جرى بذكر الجنة، فقيل: الجنةُ تجري من تحتها الأنهار، كما قال الشاعر: (١)
أَرَى مَرَّ السِّنِينَ أَخَذْنَ مِنِّي... كَمَا أَخَذَ السِّرَارُ مِنَ الْهِلالِ (٢)
فذكر"المرّ"، ورَجَع في الخبر إلى"السنين".
وقوله:(أكلها دائمٌ وظلها)، يعني: ما يؤكل فيها، (٣) يقول: هو دائم لأهلها، لا ينقطع عنهم، ولا يزول ولا يبيد، ولكنه ثابتٌ إلى غير نهاية=(وظلها)، يقول: وظلها أيضًا دائم، لأنه لا شمس فيها. (٤)
* * *
(تلك عقبى الذين اتقَوْا)، يقول: هذه الجنة التي وصف جل ثناؤه، عاقبة الذين اتَّقَوا الله، فاجتنبوا مَعَاصيه وأدَّوْا فرائضه. (٥)
وقوله:(وعُقْبَى الكافرين النار)، يقول: وعاقبةُ الكافرين بالله النارُ.
* * *
(٢) سلف البيت ٧ : ٨٦، تعليق : ١ / ١٥ : ٥٦٧ وسيأتي ١٩ : ٣٩ ( بولاق )، ويزاد في المراجع : اللسان ( خضع ).
(٣) انظر تفسير" الأكل" فيما سلف من هذا الجزء : ٣٤٣، تعليق : ١، والمراجع هناك.
(٤) سلف" الظل" غير مبين ٨ : ٤٨٩.
(٥) انظر تفسير" العاقبة" و" العقبى" فيما سلف ١٥ : ٣٥٦، تعليق : ٢، والمراجع هناك.